عبداللطيف الدعيج: قال أيضاً اضربه بالدرة

نتعاطف مع النائب عبيد الوسمي في شعوره تجاه الحكم القضائي المتعلق بقضيته. لكننا لا نتفق مع موقفه «غير» القانوني وهو المشرع والمهني من الحكم. فالحكم لا يزال ابتدائيا، والعديد من القضايا الرئيسية صدرت فيها احكام تم ابطالها في الاستئناف أو التمييز. حتى بافتراض نهائية الحكم، فان الكسب السياسي والاجتماعي وحتى القانوني ان كان اي من هذا في ذهن السيد النائب، ان كل هذا أو ايا منه يصبح تحقيقه اسهل من خلال انتقاد الحكم وابداء الرأي القانوني والقضائي به وليس من خلال توجيه الاتهام الشامل للقضاء أو حتى للمحكمة التي قضت بالحكم موضع الخلاف. ان لكل منا نظرته الخاصة للامور، وفهمه الشخصي للظروف والاحداث، والقضاء الابتدائي مثل النائب الوسمي ومن جاراه له تصوراته وما توافر له من معلومات ووقائع تم بناء الحكم عليها، قد يكون أي منهما، أي الوسمي أو القضاء مخطئا في موقفه وقناعاته، وقد يكون العيب في عرض الوقائع وشرح الاحداث.

لو تأيد الحكم في المستقبل، وهذا ممكن، فان النائب الوسمي ومن معه مطالبون باقناعنا بوجهة نظرهم أو براءتهم أو لا. ان هذا قد يقود الى تصحيح مسار القضية تشريعيا أو ربما اداريا ان ثبت ان مزاعم أو اتهامات النائب الوسمي ومن جاراه مع الاسف من النواب صحيحة. اما اطلاق التصريحات النارية والسخرية من القاضي والقضاء فهما لا يخدمان لا النائب الوسمي ولا قضية الحريات التي ربما هو معني بالدفاع عنها. وعلى النائب الوسمي الا يندفع خلف اللهث الحالي لتحقير النيابة والقضاء، فمن يفعل ذلك، خصوصا من النواب له مصلحة، لانه متهم في قضايا عديدة وهناك احتمال ان تؤدي احداها الى الحكم عليه بالمؤبد. يعني هناك تمهيد للتشكيك في حكم القضاء لخلق اجواء ترهيب تدفع به الى التسامح أو اصدار احكام مخففة على المتهم من نواب.

النواب الذين اعترضوا على الحكم لان رجال الأمن يجب الا يضربوا الشعب كما أعلنوا، الظاهر عايشين في «يوتوبيا» خاصة فيهم. أو اننا هذه الايام اضفنا للكويتي حقوقا جديدة، فيجب «ألا ينطق» أو يهان لانه كويتي. ونسي نوابنا ان كل شعوب العالم الديموقراطي تتظاهر، وان اغلبها يتعرض للتفريق، واحيانا للضرب والرش والتعمية ايضا، بسبب انفلات الوضع أو دخول اطراف غير اصحاب القضية في الامر. ويتناسى نوابنا ايضا، مثل النائبين البراك والطبطبائي، انهم صار لهم عشرون سنة وهم يوافقون عشرين مرة على ميزانية وزارة الداخلية. وميزانية الداخلية فيها شراء مطاطيع وهراوات ورصاص مطاطي وتناكر ماء حار وقنابل مسيلة للدموع بعد… «اذن وافقتوا عليها واجزتوا شراءها من اجل استخدامها ضد من؟!».

***

أمس ضحكت حتى استلقيت على قفاي مثل ما يقولون وانا اقرأ اعتراض احد النواب على ضرب الناس واستشهاده بكلمات عمر بن الخطاب «كيف استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتم احرارا». الواقع هذا مثال النفاق والتزلف الديني الذي هو في غير محله، والذي يمارسه الجميع وليس النائب وحده. ضحكت كثيرا لان عمر بن الخطاب قال هذه الكلمة وهو «يلسب» ابن عمرو بن العاص و«يصلخ» جلده، وفي احدى الروايات امر القبطي، الذي احتج على ابن عمر بن العاص، ان يضربه بالدرة حتى يشبع.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.