من يتأمل الحال المضطربة التي وصلت إليها الرياضة في الكويت لا يصدق أننا بدأنا ممارسة عديد من الألعاب الرياضية قبل الكثيرين، بل وقفزنا فوق «حواجز» التفوق في غير مجال رياضي، بينما لم تكن دول كثيرة في آسيا قد وضعت أقدامها على «خط البداية» بعد!
فماذا حدث في المضمار أعاقنا عن المشاركة في «سباق» الانتصارات، وجعلنا نلوذ بمقاعد «المتفرجين»؟! ولماذا صارت انتصاراتنا حالات فردية، كـ «هدف» يتيم في مباراة متواضعة؟! وكيف أقصينا الرياضة – بالبطاقة الحمراء – من ملعب التنمية؟ وهل أمسى فهمنا للرياضة في الكويت يقتصر على مشاهدة المعارك المندلعة بين قيادييها في محاولات مستميتة من كل خصم لتوجيه «ضربة قاضية» إلى الآخر، أما مصلحة الرياضة ذاتها، فقد أطاحوا بها أدراج الإهمال؟!
يجب ألا ننسى جميعاً – شعباً وحكومة – أن الرياضة لم تعد ترفاً لتقضية الوقت، ولا وجاهة «يتسلل» من خلالها البعض إلى مقاعد النخبة. فالرياضة في رؤية شعوب العالم كافة ضرورة نفسية ووظيفة اجتماعية، ومورد اقتصادي، وأداة سياسية، وحافز تنموي، ووعاء ثقافي، ومؤسسة تربوية، كل ذلك في وقت معاً! وقد أصبح أحد معايير تحضر الدولة الحديثة هو قدرتها على بسط المظلة الرياضية على أكبر شريحة ممكنة من مواطنيها العاديين، وهي مسؤولية جسيمة تتحملها الحكومة والشعب كلاهما!
والكويت التي عُنيت بالرياضة في فجر نهضتها، يتعين عليها العودة، الآن، إلى المضمار مجدداً، لتقرن خططها الرياضية باستراتيجيتها الإنمائية. ولعل هذا الهدف لا يمكن أن يتحقق إلا بتوحيد كل الجهود لإنهاض الرياضة من كبوتها، والعمل والتخطيط بروح «الفريق» لتمكينها من وضع قدميها مجدداً على خط البداية.
ولتكن البداية بتوسيع المرافق الرياضية، لتتجاوز الأندية المشهورة، إلى إنشاء المراكز الرياضية والشبابية في كل الأحياء، لإتاحة الفرصة أمام الجميع لممارسة الرياضة، واستقطاب أبنائنا الشباب بعيداً عن المخدرات والفراغ، فنكون بذلك قد سجلنا «نقطتين» برمية واحدة! كما يجب تشييد مدينة رياضية تليق بمكانة الكويت ودورها، تكون قلعة للرياضيين ومنارة للهواة ومصنعاً للنجوم.
لا بد أن يتخذ حصان الرياضة مكانه أمام عربة المجتمع، وهو ما يتحقق بتنسيق العمل بين وزارة التربية وهيئة الشباب والرياضة، لتعميم الممارسة الرياضية في المدارس كمادة أساسية، وفي المجتمع كنشاط إيجابي، وأخذها مأخذ الجد، ووفقاً للمعايير العلمية، بالإضافة إلى صقل القادة والإداريين الرياضيين بالخبرة والمعرفة، ورفع سقف التمويل، وزيادة عدد اللعبات المتاحة للشباب، فالرياضة صارت أوسع بكثير من لعبة كرة القدم.
الماراثون الرياضي العالمي مفتوح أمام الجميع، وبين خطي البداية والنهاية رحلة من العمل والعرق، والسباق يبدأ بخطوة جادة واحدة، لكننا إن تكاسلنا عن دخول المضمار الآن، فسنكون حكمنا على أنفسنا بالإخلاد إلى النوم على «دكة» اللامبالاة!
أ.د. معصومة أحمد إبراهيم
Dr.masoumah@gmail.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق