علاقة المريض بالطبيب تتباين من بلد لآخر رغم أن طبيعة ومفهوم هذه العلاقة تكاد تكون واحدة في كل مكان، وهي طبيعة تؤكدها العلوم الطبية والصحية وتتناول مجالات كثيرة اجتماعية ونفسية وصحية واقتصادية وغيرها. الاختلاف في هذه العلاقة والخروج عن إطارها الاعتيادي المتعارف عليه يؤدي إلى سيادة السلبيات على الايجابيات، وتوتر العلاقة بين المريض والطبيب، وفقدان ثقة المريض بالخدمات الصحية. فالمشكلات الناجمة من هذه العلاقة كثيرة منها المريض أو ذووه أو قد يكون الطبيب ونظام الرعاية الصحية طرفاً في ذلك. لكن في النهاية لا يلام المريض كثيراً عن تقصيره بقدر ما يلام الطبيب والمؤسسة الصحية على حدوث المشكلات للمريض.
نقول ذلك ونحن نعلم كثرة مشكلات المرضى مع الأطباء في المستشفيات بسبب شعور المريض أن علاجه غير مجد أو مفيد لأنه لا يزال يعاني الألم والمرض رغم ما يقال له بأن أحواله مستقرة ويعطي له العلاج المناسب. فالشعور بعدم التقدم في علاجه يجعله يفكر بأن الطبيب غير مقتدر أو مدرك لما يجب أن يكون نوع العلاج للمريض، وربما لا يدري الطبيب انه يقدم العلاج الخاطئ، وبالتالي تتحول معاناة المريض من حالة صحية إلى مشكلة نفسية، وربما اجتماعية عندما يشعر ذووه أن العلاج الذي يقدم للمريض ليس هو العلاج الصحيح أو المناسب.
ظاهرة الخطأ في العلاج تكاد تسود على غيرها من أخطاء بدليل انه لو جاء طبيب آخر لمعالجة هذا المريض لوجدنا ربما الاختلاف في العلاج، وأحياناً استغراب الطبيب الثاني من نوع المعالجة المقدمة للمريض من الطبيب الأول. وهذه الظاهرة يدركها بعض المرضى، وفي كثير من الحالات يحصلون على معلومات من الأطباء الآخرين عن أن علاجاتهم السابقة لم تكن سليمة، وأن الخطأ السابق في العلاج أدى إلى مضاعفات يعانون منها اليوم. حالة كهذه بلا شك تفقد المرضى ثقتهم بالأطباء، فيمتنعون عن المراجعة أو الاستمرار في العلاج، وربما السعي لطلب العلاج في الخارج رغم أن علاجهم موجود في البلاد.
صحيح أن هناك عوامل كثيرة تتسبب في عدم دقة التشخيص والوقوع في خطأ العلاج، لكن في العرف الطبي لا ينبغي الربط بين الخطأ في التشخيص والعلاج وبين مجموعة العوامل المؤثرة سلباً في عمل الطبيب، فضعف جهاز التمريض، أو اختلال الإدارة الصحية، أو كثرة مراجعة المرضى للطبيب الواحد، أو ضعف توافر الأدوات والوسائل المعينة وغيرها جوانب قد تساهم في حدوث الأخطاء، وتكرارها وبصورة مكشوفة يتعرف عليها المريض بسهولة.
تكشف الدراسات ان أخطاء التشخيص الطبي من ابرز العوامل المؤثرة في المريض والنافرة لمراجعة الطبيب، خصوصا بعد تأكد المريض أن علاجه غير مفيد وانه يشعر بعدم قدرة أو تمكن الطبيب من علاجه بالشكل المناسب. واقع كهذا يجعل المريض أيضا يكثر من التردد على أكثر من طبيب وأكثر من مشفى، ويحاول الاستعانة بنصائح وإرشادات الآخرين في محاولة منه للتوصل إلى نتيجة تعينه على سرعة علاج مرضه.
كذلك قلة عناية واهتمام الأطباء بالمرضى ولامبالاتهم أحياناً بما يقوله المريض يعطي الانطباع لدى المريض بأنه مهمل ولا احد يهتم به مما ينعكس ذلك على نفسيته فتزداد معاناته من المرض الذي يشكو منه. أن الشعور بقلة الاهتمام يعطي الانطباع بعدم فاعلية الجهاز الطبي، والقصور في اتباع تعاليم الطب والتطبيب، والإحساس من المريض باليأس والإحباط.
ولكي يتبدد الخوف من مراجعة المريض لأماكن العلاج لا بد من التأني في الفحص والتشخيص من الأطباء، وان يكون ذلك في إطار المشورة الطبية الجماعية والتشاور في الرأي، خصوصا للحالات المرضية المستعصية العلاج أو التي تتعلق بأكثر من اختصاص، فالخطوة الأولى الصحيحة في طريق العلاج تكون في تحديد نوع المشكلة والتعرف عليها باتباع كل التقنيات والخبرات المتاحة، وعدم التعجل في إقرار نوع المرض إلا بعد التأكد التام باتباع كل السبل المتاحة أمام الأطباء. كذلك الحرص على معاملة المرضى بالشكل اللائق والاهتمام بهم والاستماع لمشكلاتهم ومعاناتهم مسألة مهمة في التوصل إلى العلاج الناجح.
yaqub44@hotmail.com
المصدر جريدة الراي
قم بكتابة اول تعليق