د.تركي العازمي: لفوضى الكويتية اجتماعياً وسياسياً (2-2)!

نكمل هنا ما توصلنا إليه في المقال السابق حول نظرية الفوضى (Chaos Theory ) لنعاين الجانب الثاني منها وهو الفوضى السياسية!
لقد قبلنا ككويتيين الدستور الكويتي ليعمل به حسب ما وضعه المشرع الكويتي وقد تناول رحمة الله عليه الدكتور عثمان عبدالملك الصالح جانب الرقابة البرلمانية على إدارة شؤون الدولة ولكن الجيل الحاضر أخذ يمارسها حسب الثقافة التي اكتسبها!
وثقافة المجتمع الكويتي تغيرت في طبيعة الحال كما عرضنا في الجزء الأول (الفوضى الاجتماعية)، وهذا يعني ان الفوضى التي تعيشها الكويت يجب أن تبدأ بالجانب الإجتماعي قبل السياسي، ولو أن بعض أعضاء المجلس الحالي يرون الإصلاح السياسي لا بد من البدء فيه لتحسين ثقافة المجتمع وهم غير ملامين، فهذا حد تفكيرهم لأن علماء الاجتماع والنفس والإدارة/القيادة لم تتم استشارتهم في الأمر لمعرفة الأبعاد المتوقعة من البدء في التغيير السياسي قبل الاجتماعي!
عندما تترك الذمم لفاسدي المبدأ، وتترك المجاميع «تنهش» في بعضها البعض إلى حد التماسك بالأيدي والضرب وحشد الجموع في ساحة الإرادة، فهذا يعني ان المعنيين بالأمر سواء كانت قيادتهم فعلية أم خفية لم يستوعبوا صورة الواقع على وضعه الحقيقي!
لماذا يصل الأمر إلى حد وصف المجلس انه «لا يساوي 15 فلسا»، والبعض الآخر يهدد بالنزول إلى الشارع؟ قانون نيوتن الثالث ينص على انه «لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار مضاد له في الاتجاه»… إذا ردود الفعل سببها ضيق نفس بعض النواب تجاه ما تمارسه الحكومة ولأن النظام السياسي الكويتي سمح للفوضى بالاستمرار و«غض» البصر عن بعض الممارسات جعل العلاقة بين السلطتين تزداد حدة إلى الدرجة التي تعيشها البلاد…!
قال النائب عبيد الوسمي «احترمونا… نحترمكم»… فماذا يعني الاحترام وكيف يتقبله الطرف الآخر وما هي ردة فعله: نيوتن قالها في قانونه الثالث!
إن ما يحدث من صنع أيدينا، تركنا الفوضى تستمر والمحاسبة «انتقائية» لأن ثقافة «الربع» تمارس المحاسبة «على ناس وناس»، أي أن الكيل بمكيالين جعلنا نركب فوق مركب صغير على بحر مضطرب ولا نملك «أدوات النجاة» حيث رجال السياسة لا يملكون تفعيل الأدوات الرقابية مع ضرورة التنبيه إلى ان بعض الأدوات استخدمت في غير موضعها وغير بحرها!
نحن من اختار النواب… وأخرجنا الغالبية ونحترم كثيرا من توجهات أعضائها لكن البعض منهم «يطلع عرض» والدليل في الإستجوابات الأخيرة ولا يجب أن نتجاهل بعض اطروحات الأقلية الجيدة: فما الحل؟
الحل في أن نقبل بضرورة تغيير الثقافة الاجتماعية في ما يخص حسن اختيار النواب، من جانب السلطة فإنها مطالبة في اختيار وزراء اقوياء أصحاب قرار يعملون وفق مسطرة القانون وفرض مبدأ تكافؤ الفرص وعزل كل قيادي سيئ الأداء ومحاسبته، فالاكتفاء بالاستقالة أو الإحالة إلى التقاعد لا يحل المعضلة! وبوجود حوكمة سليمة ومنظومة إدارية مدعمة بوسائل تقنية المعلومات والتكنولوجيا الحديثة، ناهيك عن ضرورة تحديد خطة عمل متقنة محددة الأهداف مبنية على فكر استراتيجي يوجد مناخ عمل صحي بين السلطتين، فعندئذ لن يكون هناك اختلاف بين النواب والوزراء… هذا ما ذكر في علوم القيادة والإدارة والفكر الإستراتيجي، وإنني أعلم انه حلم صعب المنال نظرا لطبيعة حال القيادة ومعيار الاختيار، ففاقد الشيء لا يعطيه لأن الأمر حينما يوسد لغير أهله تبقى الفوضى قائمة والحديث يطول… والله المستعان!
terki.alazmi@gmail.com
Twitter: @Terki_ALazmi
المصدر جريدة الراي

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.