مجلس الوزراء قرر تكليف المجلس الاعلى للتخطيط والتنمية باقتراح الآليات والادوات المناسبة لتنفيذ المشروعات الكبيرة التي تقوم الشركات العالمية بتنفيذها لحساب دولة الكويت في الداخل او الخارج، بما يكفل الحفاظ على المال العام وحمايته ويحافظ على سمعة البلاد الاقتصادية، وذلك في اعقاب ما ترتب على إلغاء عقد شركة كي داو («كونا» – 2012/6/14).
عام 1957 قدم المهندس السويسري جون هنري ميلر إلى الكويت للمشاركة في اعمال بناء ميناء الشويخ مع احدى الشركات الاميركية، يذكر المهندس السويسري كيف ان الكويت تفاوضت في ذلك الوقت مع شركات انكليزية وألمانية وإيطالية وهولندية لبناء الميناء، لكن الكويت رفضت التعاون معها بسبب شروطها واهمها تأخير مدة البناء خمس سنوات، ثم اتفقت الحكومة الكويتية مع شركة اميركية لبناء ميناء الشويخ في 30 شهرا فقط، وبمبلغ قدره 26 مليون دولار، متضمنا اعمال بناء ضخمة واحواض سفن وقناة مائية بطول 6 كلم، وقاعات تخزين وبرج مراقبة وانابيب للوقود والمياه العذبة والكهرباء. يقول المهندس «الحساب يتقنه الكويتيون وتتولاه اذهانهم وابرم العقد على افضل وجه؛ دقة الاميركيين وفطنة العرب وصاغته ادهى عقول الطرفين» ليس هذا وحسب، يذكر المهندس ميلر، ان الكويت بنت في عام 1948 أكبر رصيف بحري حول العالم في منطقة الاحمدي، كيف لا وكانت نعمة النفط قد تفجرت تحت اقدام اهل الكويت، فأحسنوا استخدامها في بناء دولتهم وتطويرها.
من يقرأ قرار مجلس الوزراء اعلاه يعتقد ان الكويت قد بدأت للتو في تنفيذ مشاريعها الكبرى، وان هذه المشاريع من فرط ضخامتها تحتاج الكويت الى ان تخطط لابتكار آليات للتنفيذ تحمي حقوق الدولة وسمعتها ومكانتها الاقتصادية العالمية، كواحدة من اكبر منتجي النفط حول العالم، وللأسف ان يصدر هذا التصريح من دولة تنفذ المشاريع الكبرى فيها منذ اكثر من 70 عاما، ولم نسمع بسقطات قانونية وفنية وادارية كالتي نسمعها في السنوات القليلة الماضية، وهو ما يؤكد امرا واحدا لا لبس فيه ان المشكلة في الكويت ليست في ادوات تنفيذ المشاريع الكبرى، وانما بلا شك في من يتولى ادارة وتنفيذ هذه المشاريع الا من رحم الله.
بعد 70 سنة من صرف مليارات الدنانير حول العالم، يقرر مجلس الوزراء دراسة آلية تنفيذ المشروعات الكبرى… صج لي قالوا راحوا الطيبين. والله الموفق.
• • •
• ملاحظة: كتب هنري ميلر قصته في الكويت في كتابه «كاديلاك وكوكاكولا».
وليد عبدالله الغانم
waleedalghanim.blogspot.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق