بندر الظفيري: … فإن المجالس لا تدوم !

نحن اليوم أمام إثبات جديد لمقولة اننا شعب بات يجيد الكلام إلى حد الثرثرة, وأصبحنا متفرغين بالكامل “للحش”, ولو كانت هناك سوق لبيع الكلام لكان أصبح لدينا دخل قومي يضاهي النفط ومشتقاته, ومن هنا إلى أن تتشكل هذه السوق سيبقى سيل الكلام نهراً يصب بغالبيته في خزائن شركات الموبايل . لم يكد يصدر مرسوم التعليق حتى بلغت بنسبة إشغال الشبكات الهاتفية ذروتها وانهمر سيل التعليق بطعم أو من غير طعم وكثير من التعليق يشبه التعليك, لا بل التعليك بعينه . في السياق نفسه من المفيد أن نعرج على الرأي الساذج والمتداول منذ سنوات يقذفونك به أصحابه في مثل هذه المناسبات, عندما يقولون ان هذه المشاركة شبه العامة بالسياسة والشأن العام دليل على أن الشعب مسيس !
لهؤلاء نقول أنه لو أتيح تكليف هيئة دولية متخصصة إجراء اختبار لتبيان مدى حقيقة أننا شعب مسيس فستكون النتيجة صفرا مكعبا وليس عاديا, لسببين وجيهين, الأول: عندما فشلنا في اختيار نوابنا وممثلينا, والثاني: ضعف مستوى النقد والتفاعل مع الحدث لدرجة السطحية, وتلك هي معايير الحد الأدنى من النضج السياسي, وحتى لا نكون ظالمين بالحكم فإن ما يزيد عن نصف الرأي العام عندنا يمارس صنعة “الحجي من أجل الحجي” حيث قلبنا المعادلة بالكامل من “أنت تعمل يعني أنت موجود” إلى ” أنت تحجي يعني أنت موجود” .
نعود إلى السياق لنؤكد أن المجال لا يتسع للتعليقات التي صدرت ونكتفي ببعضها : منهم من قال ان الأسباب حكومية والمشكلة هناك وليست في المجلس, منهم قال ان أحكاماً ستصدر بحق مقتحمي المجلس وأخرى تبطل نيابة آخرين خلال أيام وتفادياً للتداعيات تم التعليق, ومنهم من ذهب للإشارة إلى متنفذين لهم مصلحة في ذلك, وذهب آخرون أبعد ليضعوا التعليق في خانة الترقب لما يجري في السعودية من متغيرات, ومنهم من قال ان التعليق بروفة أولية للحل الكامل واختبار مصغر له.
أياً كانت الأسباب والمبررات فإننا نرى في هذا القرار “ضربة معلم” لم يسبق أن توقعها أحد في كل الهذر الذي سبق القرار, ويمكن ملاحظة مظاهر العجب والدهشة على الوجوه لأن الجميع داروا في فلك الحل الكامل أو التغيير الحكومي, هذا المجلس من هذا الشعب وهذه الحكومة أيضاً من هذا الشعب, وكلاهما بات يجيد العلك مثل غالبية من أوصلهم, اغتنموها فرصة وحوِّلوا لحظة الصدمة إلى مساحة تأمل وإعادة النظر بدل الإصرار على الغي والانتحار … مزيد من الثرثرة فإن المجالس لا تدوم, ولو دامت لغيرك لما وصلت إليك !
* كاتب كويتي
al_bander@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.