معظم طرق العصاميين تبدأ من مهنة التعليم، ثم تنفتح لهم عدة طرق لأيِّها يسلكون، منها اختبار شخصي ومنها تكليف لخدمة الوطن، وذلك شرف لمن يقع عليه الاختيار.
بدأ الاستاذ محمد جاسم السدّاح بطريق الذكرى حيث الاعياد الوطنية، عيد جلوس سمو الأمير أحمد الجابر الصباح الحاكم العاشر لامارة الكويت.. وكانت الاحتفالات الوطنية تعقد في ساحة قصر السيف تحت ظل (البنديرة) سارية عالية تحمل علم البلاد يحضره ابناء الاسرة الحاكمة الامراء ووجهاء البلاد وفرق الكشافة والمسؤولون في دوائر أجهزة الدولة.. كانت ساحة (البنديرة) تسع وجوه البلاد حيث تعداد الشعب كان 50 الف مواطن.. وجاء الحاكم الحادي عشر وهو الشيخ عبدالله السالم والعيد الوطني الذي كان يحتفل به هو 25 فبراير عيد الجلوس، وبعد الاستقلال صار العيد الوطني في 19 يونيو ثم ادمج مع 25 فبراير ليناسب لطف الجو حيث ان الحرارة في شهر يونيو مرتفعة كانت تعوق الاستعراضات خاصة الطلبة في فرق الكشافة والحضور في ساحة مكشوفة من الدائري الاول امام منطقة الشامية فأمر الشيخ عبدالله السالم بترحيل العيد الى 25 فبراير.
٭٭٭
بدأ الاستاذ أبو وائل محمد السداح عمله في التدريس عام 1949 الى 1961 وفي بداية عهد الاستقلال ارسلت وزارة الخارجية الى وزارة التربية تطلب بعض المدرسين للالتحاق بوزارة الخارجية، وكان وكيل التربية الاستاذ فيصل الصالح المطوع وتمت الموافقة على نقل الاستاذ السداح الى الخارجية.. ثم تعود به الذكرى الى تأسيس (النادي الثقافي القومي) وكانت الفكرة الاولى احياء النادي الادبي الذي توقف منذ عام 1938م.. ولكن الاجواء السياسية بعد الحرب العالمية الثانية اخذت تتطلع الى طلب استقلال الدول العربية من الهيمنة الانجليزية والفرنسية، وتصاعد الوعي القومي مع ثورة 1952 التي قادها الرئيس جمال عبدالناصر وبث الاذاعات الموجهة الى البلاد العربية والافريقية لتحريرها من الاستعمار.
واجتمع لهذه الغاية بعض الاساتذة لتأسيس النادي الثقافي القومي وهم:
الأستاذ عبدالله علي الصانع، الأستاذ عبدالله أحمد حسين الرومي، الأستاذ عبدالرزاق البصير، الأستاذ أحمد السقاف، الدكتور أحمد الخطيب، والأستاذ محمد جاسم السداح
وذلك لاحياء المناسبات الوطنية والقومية وكان افتتاحه سنة 1951.. واغلق مع جميع الاندية الثقافية والرياضية في 3 فبراير سنة 1959.. وبعد الاستقلال قام على نهجه وهدفه الوطني والقومي (نادي الاستقلال) الذي انشئ في 28 ديسمبر 1963.
٭٭٭
سعادة السفير الاستاذ محمد جاسم السداح تحدث عن رحلته في السلك الدبلوماسي التي قضى منها خمس سنوات في المغرب وعمل فيها مع ثلاثة سفراء، عبدالله احمد حسين الرومي، عيسى عبدالجيل وطلعت الغصين. اكتسب منهم خبرة دبلوماسية ثم تم تعينه سفيرا في المملكة الاردنية الهاشمية، قدم اوراق اعتماده للملك حسين بن طلال في 1971/10/28 وكانت الاردن تواجه توترا في اوضاعها السياسية الداخلية مع فصيل فلسطيني كان يقوده أبو داود فيما عرف بأيلول الاسود.
واستمرت الرحلة الدبلوماسية لسعادة السفير الاستاذ محمد جاسم السدّاح الى اسبانيا حيث اعتمد سفيرا في 1981/5/11 قال بعد ختام عمله الدبلوماسي: ان السمة العامة للمدرسة الدبلوماسية الكويتية قد رسمها صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح من خلال التواصل مع الخط العربي الدبلوماسي العام وتحمل القضية العربية الفلسطينية حتى صارت الكويت واحة سلام محايدة كسبت في ذلك احترام الامم والشعوب ثم وضع سعادة السفير السداح عن كاهله ثقل الحقيبة الدبلوماسية بعد ان حملها بامانة وطنية وعربية والى النطاق الأوروبي.. وخاض عند تقاعده اعمالا تجارية من اقامة مختبر صحي.. الى الحنين الى العمل التربوي في انشاء مدرسة انجليزية خاصة.
رحلة حياة، وطريق مسيرة تميزت بنجاحات ومتاعب سياسة قد اجتازها بنجاح.. صاحب (الطريق) سعادة محمد جاسم السداح اديب ومثقف ودبلوماسي ورمز وطني، شكراً وتحية، على هدية (الطريق.. بعض من ذكرياتي)
عبدالله خلف
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق