سبحان الله.. لم يجف بعد حبر مقالتي بتأبين الأستاذ سليمان المطوع، التي افتتحتها بعبارة «الاحجار الكريمة في الكويت تتداعى واحداً تلو الآخر، فما نلبث أن نلملم جراح فقد أحدها حتى يفجعنا فقدان آخر»!
وها هي الكويت تطوي عزاء المرحوم الأستاذ سليمان المطوع لتفتتح عزاء المرحوم الأستاذ أنور النوري، الذي داهمنا خبر موته بعد صراع شجاع مع أسقام توالت على رأس وجسد ذلك الرجل الموسوعة، وأحد اركان الحكمة في بلادي، الذي لم يتوقف عن الكتابة حتى آخر أيام حياته عبر صفحات القبس مبشرا بالإصلاح وداعيا الى عدم اليأس.
الراحل الكبير الأستاذ أنور النوري هو أحد أساتذة التفاؤل والتواضع ورؤية الجزء الممتلئ من الكأس، والمنادين بعدم لعن الظلام والحث على اشعال الشموع لتبديده، احتوى في شخصه العلم والتعليم كغيره من رواد التربية والتعليم في الكويت، فكان المدرس والموجه والأمين العام والوزير والاداري والناقد الحصيف، الذي أصبح من القلة التي يُجمع على احترامها الناس بشتى مشاربهم.
«لقد كان من نعم الله علي وعلى أبناء جيلي، أن جعل طموحاتنا الى النماء العلمي والاجتماعي، هو طموح الدولة أيضا، فلم تبخل علينا بشيء يمنعنا من بلوغ طموحاتنا، واستجبنا نحن بالعزم نفسه، فلم نتوان عن بذل أقصى الجهد للتأهل لحمل المسؤوليات المتوقعة منا».
هذا ما افتتح الراحل الكبير الأستاذ أنور النوري كتابه «في مرابع الذكرى»، ليتركه بين الأجيال شاهدا على سيرته ومسيرته في حياةٍ زاخرة بالعطاء، سطرها كشأن غيره من رواد التنوير في وطننا الغالي.
رحمك الله يا أبا مناور، ونعزي أنفسنا وأهلك ومحبيك ووطنك، الذي هو أول من يتقبل العزاء بفقد رجل كبير، بكبر مساحاتك الانسانية والعلمية والتعليمية والحضارية.
«إنا لله وإنا إليه راجعون».
يوسف عبدالحميد الجاسم
المصد جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق