أقل ما يقال عن حكم المحكمة الدستورية يوم أمس، الذي قضى ببطلان مرسوم حل مجلس الأمة السابق، وبالتالي عدم شرعية مجلس الأمة الحالي، إنه زلزال سياسي بدرجة تسع درجات على مقياس ريختر الكويتي، ولأن هذا الحكم كما قلنا زلزال سياسي، فإن الجميع سوف يحتاج إلى بعض الوقت للإفاقة من هول صدمة هذا الزلزال، وبعد زوال أثر الصدمة، على الأطراف المعنية كلها أن تعيد حساباتها وتصحح أخطاءها وتتدبر خطواتها المستقبلية، وبالأخص السلطة الحاكمة، التي يجب أن تتعلم من أخطائها الكارثية التي وقعت فيها في الفترة السابقة، لأنه «ليس في كل مرة تسلم الجرة».
على السلطة أن تعي أن الأمور تغيرت، ولم تعد كما كانت في السابق، وعليها أن تستفيد من المائدة التي هبطت عليها من السماء، وألا تكفر بالنعمة التي جاءتها من غير احتساب.
الغالبية البرلمانية في المجلس الذي أبطلته المحكمة الدستورية، عليها أن تتحلى بالهدوء، وأن تتعامل مع الوضع الجديد بحكمة، وألا تخرج منها لفرط الانفعال كلمات تحسب عليها فيما بعد، فإبطال مجلس الأمة الحالي ليس نهاية العالم، وأيا تكن الاحتمالات القانونية والدستورية، فإن انتخابات جديدة لمجلس الأمة سوف تجرى في فترة لن تتعدى السنة، وعندها يمكنهم إثبات قوتهم في الشارع والعودة مرة أخرى ليكونوا أغلبية مرة أخرى، نواب الأقلية البرلمانية في المقابل عليهم ألا يفرحوا كثيرا بعودتهم كأغلبية في المجلس، لأن أداءهم السياسي في المجلس السابق والمجلس الذي تم إبطاله كان هزيلا ومخيبا للآمال، وعليهم أن يعوا سبب النكسة التي أصيبوا بها في الانتخابات.
على الجميع سلطة وأغلبية وأقلية، أن يعوا أننا أبناء مجتمع واحد، ومهما اختلفنا في الآراء أو التوجهات، فإن قدرنا أن نعيش في مجتمع واحد، ولذا علينا أن نتعايش مع بعضنا بعضا، وأن نحل خلافاتنا ومشكلاتنا بعقل وحكمة، وعلينا أن نتسامى على الجراح، وندرك أننا في قارب واحد يمثل مصيرنا المشترك، فإذا نجا نجونا جميعا، وإذا غرق غرقنا جميعا.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق