الحكومة هنا مكتوب عليها ان تبقى «صباحية». تُشكل اغلبها من ابناء العائلة الحاكمة، ويتربع فيها الشيوخ في وزارات ما يسمى بالسيادة. التسيد على الوزارات السيادية لا يعكس رغبة الاسرة في التحكم وفي الانفراد بالحكم وحسب، بل يعكس بالأساس عدم الثقة في الشعب، في الانسان الكويتي، إما لأنه «موكفو» او لأنه سيهدد في النهاية مصالح الأسرة.
مصالح الاسرة محفوظة، وبأمان طالما انها تتفق والمصالح العامة وتعنى بشؤون الكويتيين وهموم الناس. لكن التطور هو سيد الموقف، والتقدم امر حتمي، وظروف وحتى ضرورات العصر تفرض العودة الى الناس والى الاحتكام الى الجمهور والى الاذعان الى مطالب الاغلبية ورغباتها.
انا كنت، وبالطبع لا ازال، ضد دعوات «المشاركة» التي اطلقها بعض المجاميع السياسية منذ زمن، كالمطالبة باتخاذ القرار السياسي والمشاركة فيه الى جانب الاسرة الحاكمة. «المشاركة الشعبية» كما طرحت أمراً من المفروض ان يكون محسوما، بل في الواقع انتهت صلاحياته. تماما كمقولة «التجربة الديموقراطية» فهذه أصبحت نظام حكم مستقر وخياراً إنسانياً لا رجوع عنه من قبل احد. قبل نصف قرن اختار الشعب الكويتي الديموقراطية نظاما للحكم والسيادة للأمة، صاحبة السلطات التي ينظمها الدستور.
بعد هاته الخمسين سنة، لا نزال لفظا نمارس الديموقراطية، ولا يزال بعضنا يحلم ويتمنى في ان تشاركه الاسرة الحاكمة في «المال والحكم»، بينما الواقع انه هو صاحب الحلال وانه هو صاحب الأمر.
اليوم تصبح امنية المشاركة حلما بعد ان كانت واقعا، تجاوزناه او من المفروض ان نكون قد تجاوزناه. اليوم تعود المشاركة ــ مع الاسف ــ مطلبا بعد ان أصبحت واقعا. ونتمنى ان تعود وزارة مثل وزارة الاعلام الى حضن الناس بعد ان عادت لهيمنة ابناء الاسرة كبقية وزارات السيادة.
ان الحكومة «الكويتية» امر حتمي، بالانتخاب كما طرح البعض او بالاختيار كما حدد الدستور، اتت من رحم البرلمان او اختيارا خاصا لمن كلف الامير بتشكيل الوزارة. فهذا ليس منطق الاشياء وحتمية التطور فقط… بل ما تعاقد عليه الكويتيون ونص عليه الدستور.
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق