الإضرابات إنتصارات مزيفة

خالد الجنفاوي
نستغرب استخدام بعض المضربين عن العمل في بعض الجهات الحكومية الحيوية نبرات تأجيجية وربما شبه انتقامية في سياق إضرابهم عن العمل. فبعض قيادات النقابات المضربة يلومون الحكومة وديوان الخدمة المدنية على عدم كفاية الزيادات التي اقرت أخيراً. والبعض الآخر يتجاوز هذا اللوم بنوع يشابه التفاخر وبأنهم على أتم إستعداد لتعطيل النشاطات الصناعية والتجارية في البلد وأنهم مستعدون كذلك لزيادة التصعيد ما لم يتم تنفيذ مطالبهم! ويتفاخر بعض قياديي النقابات العمالية بأن الحكومة ستخسر الملايين جراء تسونامي الأضرابات! وفق رأينا, الاضرابات إنتصارات مزيفة وجلد للذات. فمن سيخسر في نهاية الأمر هي الكويت وإقتصادها المحلي. وحتماً سيقع التأثير الأكبر جراء هذا التصعيد النقابي الغريب على أكتاف المواطن الكويتي العادي. فمن يتفاخر بتعطيل مصالح الجهات الحكومية المختلفة عليه أن يعي أن الخاسر الأكبر هي الكويت الوطن وأعضاء المجتمع. فليس إنتصاراً بل وليس شيئاً يدعو للفخر والتبختر ما يسبب خسارة الملايين من الدنانير من المال العام. فمن يتسبب بتلك “الخساير” ويتأثر بها بشكل مباشر هم المضرباون أنفسهم كمواطنين وبعضهم مع الأسف يصرحون بذلك جهراً وبشكل يومي من دون أن يعي هؤلاء أن تلك الأموال التي يتم خسارتها بشكل يومي بسبب الإضرابات هي أموال وموارد الكويت وأهل الكويت وليس لفئة معينة أو أموال الحكومة فقط.
إضافة إلى ذلك, من المفروض أن تعي بعض القيادات النقابية في الكويت أن التصعيد والتهديد بإستمرار الإضرابات سيكرسان بشكل أو بآخر قلة الإنتاجية في الوظيفة الحكومية وسيشجعان بشكل مباشر في إضعاف ثقافة الإلتزام بالمسؤوليات والواجبات الوظيفية. على سبيل المثال, عندما تروج لهجات ونبرات نقابية تصعيدية وتصبح هي الخطاب النمطي للنقابات العمالية فسيؤدي ذلك إلى تكريس سلوكيات الإستخفاف وعدم تحمل مسؤوليات المواطنة الحقة في المجتمع. بل ان حث المضربين على إيقاع أضخم الخسائر الممكنة على القطاع الحكومي عبر الإضرابات يتناقض بشكل مباشر مع واجبات ومسؤوليات “المواطنة الكويتية الحقة.” فكلنا ككويتيين من المفروض أن نكون حريصين على أموالنا العامة ومرافقنا العامة: فما إذا المسوغات الأخلاقية لذلك الشعور الغريب بالفرح أو الشعور المتخيل بالإنتصار والاضرابات تضر بمصالح وطننا الكويت? فهل من مجيب?
كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.