خليل حيدر: د. النفيسي.. والتنظيم الدولي للإخوان المسلمين

هذا الكتاب المجلد الجميل الاخراج، قمة الخداع والزيف واحتقار عقل القارئ والرغبة في نهب اموال كل المتابعين للحياة السياسية والحركات الاسلامية.. وبخاصة حركة الاخوان! الكتاب اسمه «نشأة التنظيم الدولي للاخوان المسلمين من البداية حتى السبعينات»،. وقد قام باعداده «عبده مصطفى دسوقي» مما اسماه «مركز الدراسات التاريخية – ويكبيديا الاخوان المسلمين»، والكتاب من طباعة القاهرة عام 2013، عن مؤسسة «اقرأ للنشر والتوزيع والترجمة».
يقع الكتاب في 240 صفحة، وينقسم الى اربعة فصول مجموعة «وثائق» ورغم عنوان الكتاب المثير الخادع، فان محتوياته لا تتناول على الاطلاق «التنظيم الدولي للاخوان المسلمين» الذي يتحدث عن الكثير من المتابعين للاسلام السياسي منذ عقود، ولا يحاول مثلا الرد على بعض الاتهامات التي وجهها الى التنظيم بعض الاخوان المسلمين من داخل الحركة، كما نرى في كتاب د.عبدالله النفيسي «الحركة الاسلامية رؤية مستقبلية»، الصادر عام 1989 في الكويت، والذي شارك في اعداده جمع من الاسلاميين الاخوان البارزين مثل د.حسن الترابي وعدنان سعد الدين ود.حسان حتحوت والاستاذ فريد عبدالخالق ود.عبدالله ابو عزة وغيرهم.
في اوراق هؤلاء انتقد د.حسن الترابي التنظيم الدولي وقال: «اخذ التنظيم العالمي للاخوان المسلمين بالقيادة المصرية يشترط البيعة والاندراج النتظيمي الكامل، ويعبر عن ضيق شديد جدا بالتباين بينه وبين السودان في الافكار والمناهج الحركية، ثم عمد – حين انشقت طائفة محدودة عن اخوان السودان – الى ضم المنشقين» (ص 81).
ويقول د.عبدالله النفيسي في ورقته المطولة ضمن الكتاب نفسه «الحركة الاسلامية» ان الاخوان اصدروا قانون «النظام العام للاخوان المسلمين» في 9 شوال 1302هـ – 1982/7/29 لعدة اهداف ابرزها «انعاش تحرك الجماعة داخل مصر عن طريق الدعم المادي والمعنوي الضخم الذي تتلقاه الجماعة في مصر من اخوان الخارج، افرادا وتنظيمات واستعادة المبادرة في قيادة النشاط الاسلامي على المستوي الدولي بعد ان فقد اخوان مصر تلك القيادة نظرا للمحن التي مروا بها خلال الحقبة الناصرية»، واضاف د.النفيسي في ورقته «بعض الاقطار كالسودان وتونس لم ترتح لموضوع «البيعة» لقيادة مصر التي كان يمثلها وقتها المرحوم عمر التلمساني واخوانه في مكتب الارشاد المصري – حوالي 13 عضوا – من الملاحظ ان معظمهم كانوا من اخوان «النظام الخاص» اي الجناح العسكري للجماعة» وعن هيمنة القيادة المصرية الاخوانية يقول د.النفيسي «نجد ثمة ميلا قويا في التنظيم الدولي للاخوان المسلمين نحو تأكيد مصرية القيادة فالمرشد العام – وان لم ينص على ذلك صراحة – ينبغي ان يكون مصريا وللمرشد العام صلاحيات هائلة ولمدة قد تطول الى نصف قرن لانه منصب مدى الحياة وانتقد في تركيبة مكتب الارشاد العام ان «يصبح الكويتي امينا عاما للمالية لضمان الدعم المالي للتنظيم الدولي، وهو دعم صار اساسيا وافرز بعض التحالفات القيادية التي لا تخدم المسار العام للدعوة بقدر ما تكرس هيمنة نجوم المال»، وقال منتقدا «لقد شن التنظيم الدولي للاخوان حملة واسعة ضد رأي د.الترابي وفصلوا كل التنظيمات السودانية المشايعة له في امريكا واوروبا، وشككوا حتى في شخصه» (ص 268-203).
كتاب «الباحث بمركز الدراسات التاريخية» الاستاذ عبده مصطفى الدسوقي الذي بدأنا المقال بالاشارة اليه لا يناقش شيئا من هذه التفاصيل ولا يشير اليها من قريب او بعيد، حتى يتوقف عملياً عند سبعينات القرن الماضي، اي قبل التاريخ الرسمي الذي يذكره د.النفيسي وهو 1982 لتأسيس التنظيم الدولي.
بل ولا يحترم «دسوقي» حتى حاجة القراء الى الموضوعية في فهم هذا «التنظيم الدولي» وما توجه اليه من اتهامات من داخل حركة الاخوان وخارجها، بل نرى معد الكتاب الاستاذ «عبده دسوقي» يقول علنا في المقدمة وبكل استخفاف بالقارئ الذي دفع نحو عشرة دولارات في الكتاب «في هذا الكتاب لا نؤرخ لـ«التنظيم»! العالمي بقدر تأريخنا لنشأة هذا القسم بجماعة الاخوان المسلمين «قسم الاتصال بالعالم الاسلامي» وهو ما حوره الكتاب للفظ التنظيم الدولي للاخوان المسلمين».
والآن هل اخترع خصوم الاخوان هذه التسمية وهذه المؤسسة فلماذا لم ينف اذن وجودها كل كبار الاخوان الذين شاركوا د.النفيسي في اصدار الكتاب ولماذا لا نرى نفيا رسميا لما قاله د.النفيسي وغيره عن التنظيم العالمي للاخوان المسلمين؟
الطريف في الكتاب، رغم هذا النفي، ان الفصل الاول فيه عنوانه «التنظيم العالمي.. النشأة والتاريخ»!
فانظر بنفسك مستوى البحث والتأليف في العالم العربي.

خليل علي حيدر
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.