سرَّنا حكم براءتك، ولك جميل في قلوبنا لا ننساه، سيادة الرئيس اذا قلنا اننا في عهد ليس فيه اسلام، بل فيه مسلمون «بل انتم يؤمنذ كثير كغثاء السيل» إني لا اعدو قول الشيخ المستنير محمد عبده الذي قال: «إني تركتُ المسلمين ولم اجد فيهم الاسلام وذهبت لغير المسلمين فوجدت فيهم الاسلام» وكان يعني معظم المسلمين بمن فيهم شعبه المصري الذي تتوافر لديه المعاهد العلمية وجامع الازهر العريق والدعاة.
امام الاوضاع الجارية في الوطن العربي الآن من تكفير المسلمين بعضهما لبعض والحروب الطائفية، وتدريب الشباب منهم على صنع وتفجير المواد الناسفة وافكار الانتحار بمفاهيم خاطئة نحو الذهاب الى الجنة عن طريق الانتحار التفجيري وهدم المساجد والكنائس والمقدسات، ليس ذلك من الاسلام.. اذن كما قال الشيخ محمد عبده ان الاوضاع بعيدة عن الاسلام في بلاد المسلمين، فكيف لو عاش الى القرن الحادي والعشرين وشاهد الاحوال المزرية عند المسلمين؟ انه سيرى المسلمين كما رآهم قبل اكثر من مائة عام دون الاسلام.. والقرآن الكريم فصل بين المؤمنين والمسلمين: «قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا».
???
قبل اكثر من مائة سنة وجد محمد عبده الاسلام عند غير المسلمين والرسول عليه الصلاة والسلام لخص رسالته بقوله الكريم: «إنما بُعثتُ لأتمم مكارم الاخلاق».. الكرم والأمانة والاخلاق من خلق المسلمين.
لقد صار شعار المسلمين عند الكثير: (سرقة الحكومة حلال..)
الصين البلد البوذي، اكتفى بغذائه وصناعاته، وطبَّق قوانين تشريعية منها: يُعاقب كل من قطع صلة الرحم ولم يسأل عن أمه وأبيه مدة تزيد على الشهرين.. وتسائل الصين كل من ازداد ثراؤه بقانون «من أين لك هذا؟» والرشوة محرَّمة ينال عنها الراشي والمرتشي اشد العقوبات وبعض المسلمين يسرقون وينهبون وتتراجع اخلاقياتهم بين الامم.. ويعيشون عالة على المساعدات والمنح الدولية.
???
في مقال سابق بجريدة «الوطنَ»، ذكرتُ ان الشعب المصري سيترحم على الرئيس حسني مبارك، ان مات او قتل.. وترحموا عليه قبل ذلك لاضطراب الفتن وانقلات الأمن وتحدي رجال الامن والجيش وترك العاملين لأعمالهم في الزراعة والصناعة واجهزة الدولة منذ عامين.. وتلويث العاصمة والمدن الاخرى بمخلفات الفوضى والحجارة التي يرمون بها رجال الأمن والشرطة.
ارحموا عزيز قوم ذل:
الرئيس حسني مبارك كانت له حسنات تشفع له لكي لا يذلّ بهذه الصورة ومنها استتباب الامن في مصر في عهده.
???
وجّه الرسول عليه الصلاة والسلام الى طيّ فريقاً من جنده يتقدمهم الامام علي رضي الله عنه فلما عرض عليه الاسرى نهضت من بين القوم سفانة بنت حاتم الطائي فقالت: «يا محمد هلك الوالد، وغاب الرافد، فإن رأيت أن تخلي عني ولا تشمت بي احياء العرب، فإن ابي كان سيد قومه، يفكُّ العاني (الأسير) ويقتل الجاني، ويحفظ الجار، ويحمي الدماء ويفرِّجُ عن المكروب، ويطعم الطعام ويُفشي السلام ويحمل الكَلَّ (العائل واليتيم) وما أتاه أحد في حاجة فردَّه.. أنا بنتُ حاتم الطائي».
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا جارية هذه صفات المؤمنين حقا، خلَّوا عنها فإن أباها كان يحبُّ مكارم الاخلاق.. ثم قال: (ارحموا عزيز قوم ذل) دون ان يحدد ديانته.. فالأخلاق والمكارم تشفع للانسان وتشمل كل من كان له جاه ثم ذلته الأيام.
وهناك العفو عند المقدرة.. وذهاب الامن الذي كان في عهد الرئيس حسني هو ذهاب نعمة..
الرسول عليه السلام دخل مكة منتصراً، وكان قد اهدر دم خمسة عشر، لم يقتل منهم الا اربعة أبوا الدخول في الاسلام وكان شرهم مستطيراً، وخطب في اهل مكة قائلاً ما ترون اني فاعل بكم؟ قالوا خيراً، أخ كريم وابن أخ كريم.. فقال لمن كانوا خصوم المسلمين ومن ألحقوا الأذى به: اذهبوا فأنتم الطُّلقاء.. فكانوا له فيئاً بعد ان تمكَّن من رقابهم..
هذا هو الإسلام وليس ما نراه بيننا..
عبدالله خلف
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق