اعترفت السلطات الغربية أخيرا بأنها من كان خلف الانقلاب المخابراتي الذي أطاح برئيس الوزراء الإيراني المنتخب مصدق عام 1953 وهو السر الرهيب الذي يعلم به الجميع (!)، ويتساءل البعض: هل يحتاج الأمر إلى الانتظار 60 عاما أخرى كي يسمع العالم باعتراف آخر بأن نفس الجهات هي من يقف هذه الأيام خلف ما يفعله القطبيون في أرض الكنانة؟!
>>>
كانت القوى الغربية تواجه في بداية الخمسينيات ثنائية شديدة الخطورة بالنسبة لهم، حيث تحول النظامان الحاكمان في بلدين مؤثرين بالمنطقة هما إيران (1951) ومصر (1952) الى أنظمة وطنية معادية لهم وتهدد بنظرهم بسقوط هذين البلدين المؤثرين تحت سيطرة الدب السوفييتي الذي تساقطت أنظمة دول شرق أوروبا والصين العظمى تحت سنابك ثوراته وانقلاباته، وكانت دول شرق آسيا عرضة للسقوط كذلك بعد عمليتي غزو كوريا الشمالية للجنوبية وتدخل فيتنام الشمالية بشؤون جارتها الجنوبية.
>>>
يشرح الباحث شديد التخصص بالسياسة الأميركية روبرت دريفوس في كتابه «لعبة الشيطان» بالتفصيل التاريخي كيف ساعد الغرب في إطلاق العنان للأصولية الدينية بداية الخمسينيات ضمن تحالف سري بين الغرب وتلك القوى لمحاربة القوى الوطنية والقومية والماركسية والاشتراكية واليسارية، وان الإخوان في مصر بقيادة البنا والهضيبي والقوى الدينية في ايران بقيادة رجل الدين الكاشاني وذراعهم العسكرية وأجهزة الاغتيالات السرية ممثلين بالتنظيم الخاص بمصر وتنظيم «فدائيو إسلام» بقيادة المتشدد نواب صفوي كانا يعملان يدا بيد ضد الأنظمة الوطنية لخدمة الغرب، حيث اغتالا العديد من الوزراء ورؤساء الوزراء في مصر وإيران تحت رايات زائفة تدعي المزايدة في الوطنية!
>>>
آخر محطة: (1) يظهر الكاتب ان محاولة اغتيال عبدالناصر أتت كأمر مباشر من ايدن وايشيلبرجر اوصلها المستشار السياسي تريفور ايفانز للمرشد حسن اسماعيل الهضيبي بعد ان قرروا استحالة التفاهم مع عبدالناصر وضرورة قتله، وان تلك المعلومة كانت خافية إبان محاكمات الإخوان عام 1954 ولم يكشف عنها الغرب إلا في وقت متأخر.
(2) ظلت العلاقات الدينية السنية ـ الشيعية وثيقة ومتصلة بين الإخوان في مصر والقيادات الشيعية في إيران والعراق منذ الأربعينيات حتى منتصف الثمانينيات حتى ان النجف وقف ضد انقلاب 1958 وحكم قاسم رغم تأييد كثير من الشيعة له إرضاء لتوجه الإخوان المعادي لانقلاب 1952 في مصر.
(3) ومنا.. في الكويت بقي تحالف رجال الدين السنة والشيعة قويا ومستقصدا القوى الوطنية واليسارية المسيطرة على الشارع السياسي والاتحادات والنقابات حتى نهاية السبعينيات، فمعركة الاختلاط عام 1971 قامت بها جمعية الإصلاح السنية والجمعية الثقافية الشيعية، حيث أرسلوا باصات مشتركة مليئة بشبابهم قامت بالهجوم على الجامعة مستخدمة العنف لمنع الاختلاط، وهو الأمر الذي حققه لهم لاحقا ودون عنف وزير التربية الليبرالي الصديق الراحل د.أحمد الربعي وكان يعتقد انه تشريع لن يطبق(!).
(4) سنتطرق في مقال لاحق لما قاله الباحث الأميركي روبرت دريفوس عن خلفيات ما حدث في الكويت منتصف السبعينيات والأسباب «الحقيقية» لصعود قوى الإسلام السياسي على حساب القوى الوطنية واليسارية وهي أسباب لم أسمعها أو أقرأها لأحد من قوانا الوطنية ربما لأنهم مسؤولون في جزء كبير.. عنها! الله أعلم.
samialnesf1@hotmail.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق