محمد الجدعي: احذروا أزمة مقبلة

الكل يعلم يقيناً أن الكويت تمر بمنعطف سياسي خطير جداً.. تكاد تخطف فيه عقول المواطنين وقلوبهم، من شدة هول الصدمات السياسية التي مرت بها الكويت على مر السنين القليلة الماضية، وكان آخرها حكم المحكمة الدستورية، الذي حُل على اثره البرلمان الحالي.. ليعود لنا برلماننا القديم.. الذي يحلو للبعض تسميته بمجلس القبيضة!

بعيداً عن الخوض في الجدل القانوني والحلول الدستورية المقترحة التي من المفروض ان تتخذها الحكومة في شأن هذا الامر الجلل. وما يجب على كتلة الاغلبية ان تتصرف في مقابل هذا الامر، ولكن من المؤكد ان تبعات هذا الحكم لن تتضح لنا الآن، وسنجد أنفسنا امام العديد من المفاجآت والخبايا التي رسمها لنا القدر، ليس في الايام المقبلة فحسب.. بل حتى في الأشهر والسنوات المقبلة! تماماً كما كان لتبعات الغاء «عقد الداو» الذي اتى على الكويت بعد حوالي 3 سنوات بمصيبة سقف التعويض والذي وصلت قيمته لاكثر من ملياري دولار عداً ونقداً.. عدا عن الارباح التي كان من المتوقع تحصيلها في الثلاث سنوات الاخيرة والتي كانت لتصل الى‍ 3 مليارات دولار، وبمعنى آخر فإن القيمة الفعلية لخسارة الغائه تتعدى 5 مليارات دولار وليس سقف التعويض فقط الذي قضت به لجنة التحكيم في بريطانيا!

عدا عن المشاكل السياسية التي مرت وستمر بها الكويت، هناك ازمة اقتصادية جديدة تلوح في الافق، وهي ازمة الانحدار الشديد في اسعار البترول، والتي بدأت منذ نهاية الاسبوع الماضي، حيث هوت اسعار البترول العالمية في قيمتها بما يزيد على الثلث، بعد ارتفاع مطرد للاسعار شهده العالم في السنتين الماضيتين، فما قد تم تحقيقه مثلاً في الاربعة اشهر الماضية، فقدناه في اسبوعين فقط! فأصبح العالم يشهد الآن ما يسمى بال‍ Oil Market Downturn وهو على غرار ما حصل في عام 2008، وما شهده العالم من ازمة اقتصادية طاحنة سميت بال‍ Economic Downturn، والتي ما زالت تبعاتها موجودة حتى الآن، ولم تكن الكويت بمنأى عنها! ولكن هذه الفاجعة النفطية، التي نحن مقبلون عليها الآن، ستجعلنا في قلب العاصفة، ولسوف تأكل اخضرنا قبل يابسنا، بما فيه الفوائض المالية التي كنا نتغنى بها ع‍لى مدى الاعوام المنصرمة! ما لم تكن هناك ثورة صناعية في البلاد، وفي جميع المجالات! فما نحن فاعلون يا ترى؟ هل سيركز مجلسا الامة والوزراء المقبلان على التعامل مع ما تحمله لنا الايام المقبلة بمشاركة المجلس الاعلى للبترول وهيئة الصناعة والوزارات المعنية، من هبوط شديد في اسعار النفط؟ لنركز على تبني مشاريع تنموية تدر دخلاً على البلد بعيداً عن بيع النفط المتقلب المزاج، وصفقة الداو ليست عنا ببعيد، ام سيكون للازمات السياسية موقف، وللصراخ والعويل والفساد موقف آخر، وبالتالي لغة تفاهم وحوار طرشاء حمقاء لا عقل فيها.. ولا حكمة؟!

محمد الجدعي

m.aljedei@gmail.com
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.