عبدالله خلف: مملكة الفئران

قصة لكاتب كندي هو تومي دوغلاس.. هذه المملكة لها مكان على الكرة الارضية ويعيش افرادها عيشة هانئة، يترصد الاعلام العالمي اخبارها، ولسكانها برلمان تذهب الفئران كل اربع سنوات الى اجراء الانتخابات، والسير بانتظام الى مراكز الاقتراع والادلاء باصواتها وكان لبعضها مطايا تحملها الى صناديق الاقتراع.. ومنها من حصل سلفا على مطايا تحملها الى صناديق الاقتراع للسنوات الاربع المقبلة ايضا تماما كما يعمل البشر.. وكانت الفئران الصغيرة جميعا معتادة على الذهاب في كل مرة يوم الانتخاب وتختار لها حكومة مؤلفة من قطط سوداء كبيرة وبدينة.
والآن اذا كنتم تعتقدون ان الامر غريب في قدرة الفئران فالقوا نظرة على تاريخ كندا خلال التسعين سنة الماضية، وسترون الفئران كم تكون اشد حماقة مما نحن عليه اهل البشر.. الفئران قامت بواجبها على ما يرام والقطط بشخصياتها اللطيفة ادارت حكومتها بكرامة.. ومررت قوانين جيدة تخدم القطط والفئران.. احد تلك القوانين يقوم في وضع السياسة السكانية لتكون جحور الفئران كبيرة ذات اتساع، يكفي لان يدخل القط ذراعه بسهولة.. ويقول قانون آخر لا يحق للفئران السفر الا باعتماد ومعرفة مسالكها ومكان اقامتها ليسهل استدعاؤها عند حاجة القطط لخدماتها.
كان معظم القوانين جيدة للقطط، ولكنها كانت ثقيلة على الفئران، ومعها بدأت الحياة تصعب اكثر فأكثر عندما ضاقت الدنيا بالفئران.
اتخذت قرارا يعمل شيئا من شأنه ان يضع حدا لمعاناتها.. هكذا ذهبت باعداد كبيرة الى صناديق الاقتراع حيث حجبت اصواتها عن القطط السوداء وادلت لصالح القطط البيضاء، واجرت هذه القطط اعلانات وعرضا لبرامجها لخدمة السكان المحليين من الفئران وقدمت سياسة سكانية لتوفير الراحة لمملكة الفئران في ادخال الرفاهية على جحورها وتوفير غذاء افضل بدل الفتات الذي يلقى على الارض.. وقامت بتوسيع مداخل الجحور بحيث تمكن القطط من ادخال كلتا يديها في جحور الفئران ان ارادت قضاء خدمات لها، ولم تكن خدمات القطط البيضاء كما اعلنت عنها في برامجها الانتخابية، وحل المجلس بعد شهور وأجرت انتخابات جديدة، واجرت حكومة ائتلافية من قطط سوداء ونصفها الآخر من القطط البيضاء.. وشكلت مجلسا فيه قطط مرنقطة لها اصوات مرتفعة يعلو ضجيجها وتنط على المقاعد وطاولة رئيس المجلس. ولا تعبأ بصيحات رئيس المجلس وطرق مطرقته الثقيلة التي اتى بها من الخارج ذات تكلفة اعلى.
وتمكنت القطط وعملت لنفسها، وتآلفت البيض والسود والمرنقطة واهملت الفئران وألغت المجلس تلو المجلس ولكن القطط المنتفعة تعود بنفوذ اكبر ورشحت الفئران كبارها.. ودخلت المجلس ولكنها بمجرد ان ترى القطط امامها تفزع وتهرب ملتمسة من حرس المجلس حمايتها وتضيق الاحوال بالفئران ويضطر كثير منها لتقديم استقالتها لتعود القطط بنفوذ اكبر.

عبدالله خلف
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.