أظن أن الخروج من الأزمة الراهنة واضح دون حاجة إلى إثارة وإرباك غير مفهوم، فعلى الحكومة أيا كانت تسميتها أن تقوم بطلب حل مجلس 2009 وعدم العبث بالدوائر الانتخابية، ومن ثم الدعوة إلى انتخابات جديدة وليفز فيها من يفوز ويخسر من يخسر، فقد نتوجه قريباً للانتخابات الخامسة بأقل من سبع سنوات. وبالطبع بإمكان أيٍّ كان أن يمارس ضغطه السياسي على الحكومة لتحقيق هذه الأهداف، أما أن يتم الاعتراض على حكم المحكمة الدستورية ليس انطلاقاً من ملاحظات على الحكم ذاته، ولكن من خلال تحويل السياسيين إلى قضاة، فهو أمر على القائمين عليه أن يدركوا خطورته في تدمير بنية الدولة المهلهلة أصلاً. حكم المحكمة الدستورية جاء غريباً ولكن ألم تكن الأحداث كلها بتسلسلها منذ 2006 غريبة هي الأخرى؟ التعامل مع حكم المحكمة الدستورية هو تعامل مع اجتهادات قانونية مختلفة سواء اتفقنا مع هذا الاجتهاد أو ذاك، وحتى إشعار آخر، فإن ما علينا أن نتعامل معه هو حكم المحكمة الدستورية رضينا به أم لم نرض. من المؤسف أنه في وسط الجدل ضاع منا التركيز على تثبيت مكسب حقيقي في الطريق للإمارة الدستورية، ألا وهو صلاحية المحكمة الدستورية في إلغاء المراسيم الأميرية والأعمال السياسية. بل إن البعض انتصر لحكم الدستورية 1986 الذي رفض توسعها مع العلم بأن الدستور برمته كان مغتصباً حينها. ما يصلح لبلد كالكويت هو التغيير التدريجي التوافقي، والأمور فعلياً تسير في هذا الاتجاه، بما في ذلك الحكومة المنتخبة، والتي لا تتطلب تعديلاً دستورياً، انتهاء بالإمارة الدستورية، فما جرى منذ 2003 بدءاً من فصل ولاية العهد عن رئاسة الوزراء، وبالتالي إمكانية استجواب رئيس الوزراء الى التصويت على تولي سمو الأمير لمنصبه في مجلس الأمة في 2006 وغير ذلك من إصلاحات أخرى هيكلية وجوهرية، كلها تشير في هذا الاتجاه. إلا أن المؤكد أنه ليست كل التعديلات أثمرت ما كان متوقعاً منها مثل تقليص الدوائر الانتخابية إلى خمس، أو لم نكن سنطالب بتقليصها لو كانت 25 دائرة حتى الآن؟ وبعد أن تم التقليص بالتوافق بين الجميع، هل الذين طالبوا بالتقليص راضون عن النتائج؟ أو لا يطالب ذات الأشخاص الذين فرحوا، وأنا منهم بالدوائر الخمس بالدائرة الواحدة بعد أقل من 6 سنوات من التطبيق؟ ومن منا يستطيع التأكيد على أن الواحدة هي الحل الأمثل؟ الحقيقة هي أن نخبنا السياسية حكومة ومعارضة ليست إلا مجموعة من الهواة غير المحترفين يمارسون السياسة كعادة اجتماعية لا كمسؤولية في إدارة بلد. التغيير الثوري الجذري لا يصلح في بلد مرتبك غير قادر على حسم رأي تجاه حكم أو غير مستعدة نخبه السياسية لاحترام مؤسساته الدستورية، فلا وجود للثوريين بيننا، فكلنا أو فلنقل إن 95 في المئة منا موظفو حكومة، والوظيفة الحكومية لا تصنع تغييراً ثورياً مهما حسنت النوايا، أما إن ساءت تلك النوايا فعلى بلادنا الصغيرة السلام ولا حول ولا قوة الا بالله.
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق