يفضل كثير من الاشخاص السفر بالطائرة باعتبارها الوسيلة الاكثر قدرة على توفير الوقت والجهد من بين وسائل المواصلات الاخرى لكن ثمة أشخاصا بالمقابل يبتعدون عنها ويلجؤون الى وسائل أخرى نظرا الى حالة نفسية يعانونها تسمى (فوبيا الطيران).
وتعتبر هذه الفوبيا سلوكا مكتسبا وليس فطريا حسب علم النفس حيث ينبع الخوف من الطيران من غياب المعلومات عن البيئة التي تحيط بالطائرة ما يجعل الانسان ضحية مخاوف تتطور لتصبح حالة مرضية وصنفت هذه الفوبيا ضمن مجموعة من المخاوف المرضية غير المبررة التي يصعب أن يجد لها الانسان تفسيرا واضحا.
وتتبدى هذه الحالة لدى اقتراب المصاب بفوبيا الطيران من صعود الطائرة لتصاحبه علامات جسدية معينة مثل زيادة ضربات القلب وزيادة افرازات العرق اضافة الى الشعور بعدم تحمل الموقف ما يدفعه الى الابتعاد وتجنب المواقف التي قد تدفعه للسفر بالطائرة.
وحول هذا الموضوع التقت وكالة الانباء الكويتية (كونا) عددا من الذين يعانون هذه الحالة حيث قالت دلال خالد ان مخاوف كثيرة تعتريها في كل رحلة طيران الى درجة انها عندما تكون في الطائرة تصرخ مع كل مطب هوائي.
وأضافت خالد ان الحالة لا تتوقف عند هذا الاطار فحسب وانما تتخيل أثناء السفر بالطائرة بأنها ستقع “وأبقى على هذه الحال من القلق الى أن أصل الى البلد مقصد السفر ووقتها أتمنى ألا أعود الى البلاد بالطائرة”.
من جانبها قالت مريم فيصل التي تعاني الخوف من الازدحام انها لدى صعودها الى الطائرة تشعر بحالة ضيق من الازدحام يصاحبها شعور بالاختناق وقلة الاوكسجين “فتظهر لي أعراض صعوبة التنفس وعندما أجد حركة غير طبيعية في الطائرة من قبل طاقمها أشعر بحالة عدم الواقعية مع قلق وأظن على الفور انها حالة طوارئ”.
من ناحيتها قالت دانه يوسف “أكثر ما يخيفني لدى السفر جوا صوت المحركات وقت الاقلاع حيث أشعر بشكل لا إرادي بأنه صوت غريب غير معتاد ما يدفعني الى الشعور بأن الطائرة قد تعطلت وربما تسقط بعد دقائق”. وفي هذا الصدد قال مدير أحد مراكز الاستشارات النفسية والاجتماعية والتربوية ومؤسس ورئيس فريق علاج الخوف من الطيران الدكتور خالد المهندي ل (كونا) ان الاشخاص الذين يخافون من الطيران لديهم أسلوب المبالغة فيبدؤون بالتفكير بأن الطائرة سوف تتحطم في الرحلة يصل حد الرعب من خلال الخيال فيتحول ذلك من أعراض نفسية الى أعراض جسمانية كضيق في التنفس والتعرق و زيادة ضربات القلب والغثيان والصداع.
وأضاف الدكتور المهندي ان الانسان الذي يخاف ركوب الطائرة يتميز بالسلبية “وهذه الشخصية لا تتعاطى بايجابية في الحياة فالخوف مثل الفيروسات اذا توافرت مغذيات تعيش وتستمر وتكبر” موضحا ان هناك دراسات متخصصة تظهر أن 45 في المئة ممن يسافرون عبر مختلف وسائل النقل يخشون الركوب بالطائرة ويسافرون عادة مرة أو مرتين في السنة.
وذكر وفقا لتلك الدراسات ان 24 في المئة يرفضون تماما استخدام الطائرة كوسيلة نقل وبالمقابل 31 في المئة لا مخاوف لديهم أبدا من السفر بالطائرة وأغلبهم ممن يعملون في بيئة الطيران.
وعن أسباب (فوبيا الطيران) أوضح انه لا يشترط دائما أن تتشكل الفوبيا نتيجة وقوع حادث للطائرة فقد تحدث تحت تأثير الشروط التي تنطوي عليها من غير أن يكون الايذاء قد وقع فعلا وكمثال على ذلك الخوف الذي ينتج عن القصص المرعبة عن الطيران التي يرويها شخص تعرض لحادث.
وأشار الدكتور المهندي الى أن القلق أثناء الرحلة يكون نتيجة مجموعة من المخاوف الموجودة في اللاشعور لدى الانسان وهي مثل الخوف من الاماكن المرتفعة أو المغلقة وحتى الخوف من بداية كل شيء جديد فعندما يبدأ في مواجهة هذه المخاوف تجده يستسلم لها وينسحب مما يزيد من مشكلته لدى السفر جوا”.
ولفت الى بعض الضغوط الاسرية والاجتماعية التي تجعل المصاب بفوبيا الطيران ضعيف الثقة بنفسه وسرعان ما يتقبل عقله الباطن هذه الضغوط ويسقطها على أشياء أخرى وسسقط الشخص المصاب هذه الضغوط على حالة السفر بالطائرة فتتحول الى مخاوف حقيقية.
وعن كيفية التغلب على مخاوف الطيران أكد الدكتور المهندي امكانية معالجتها وتلاشيها نهائيا عن طريق أسلوبين أولهما التعبير عن المخاوف بالافصاح عنها مع اختيار الشخص المناسب الذي يتفهم أما الاسلوب الاخر فيتم باتخاذ اجراءات تبدد مشاعر الخوف عن طريق الهاء المصاب بالفوبيا بموضوعات مختلفة مثل الحركة داخل الطائرة ومشاهدة العروض التلفزيونية وقراءة الادعية والايات القرآنية والتحدث مع من بجانبه.
وقال ان العلاج الطبيعي يلعب أيضا دورا في التغلب على فوبيا الطائرات من خلال الاسترخاء والتنفس الطبيعي والتفكير الايجابي كالتفكير في الاماكن الذي يود زيارتها في البلد مقصد السفر أو بأشياء تدخل السرور لديه ما يدفعه الى مواجهة الخوف والتغلب عليه.
وأشار الى دور الخيال في حالة فوبيا الطائرات حيث يلعب دورا محوريا في اثارة الخوف وزيادته بمعنى ان استخدام الخيال بهذه الطريقة يقلق الانسان الى يوم السفر ما يسهل فكرة الغاء رحلته بالطائرة ومن هنا فإن التخلص من المخاوف يجب أن يكون باستخدام الخيال بشكل ايجابي لتغيير القناعات الخاطئة لدى المصاب بها.
في موازاة ذلك وبالنسبة لدور شركات الطيران في مساعدة الاشخاص المصابين بفوبيا الطائرات قامت احدى الخطوط الجوية العالمية باصدار كتاب يعنى بمساعدة المصابين بهذه الفوبيا على تجاوز مخاوفهم وقلقهم أثناء الطيران ويضم نصائح ومعلومات للتعامل مع القلق ولحصول المسافر على رحلة آمنة و ممتعة.
ومن بين تلك المعلومات ان صيانة الطائرات التجارية تتم بشكل صارم جدا والتحقق منها قبل كل رحلة بإشراف طيارين ومهندسين وان أجنحة الطائرات هي التي تمكنها من الطيران لا المحركات فقط كما يمكن لطائرة تجارية أن تحلق على ارتفاع 30 ألف قدم متابعة طيرانها لمسافة 100 ميل حتى ان فشلت كل محركاتها.
قم بكتابة اول تعليق