صلاح العتيقي: الجسر العجيب

لا نعلم من يخطط ومن ينفذ، وهل هناك عقل في ما يحدث؟ جسر عجيب على شارع الرياض يخرج من الشارع ويصب في الشارع نفسه، ولا يستفيد منه أحد! حاولنا الوقوف على الفكرة ومن وراء بنائه، فلم يجبنا أحد، حاولنا إيقاف البناء ولكن لا حياة لمن تنادي! هذا يذكرني بحكاية قرأتها منذ زمن طويل تقول: كان هناك كوع ضيق وخطر، كثرت عليه حوادث السيارات، فاحتج الناس، وعقدت الوزارة المعنية لجاناً لحل مشكلة الكوع، واقبل المسؤولون والمهندسون وخرائطهم ومساحيهم لحل هذا الاشكال، وطالت المدة ولم يحصل أي تقدم. وفي يوم من الأيام اقبلت شاحنات تحمل مواد البناء، وقد تبين فيما بعد انه سيبنى مستشفى في المكان لمعالجة ضحايا حوادث الكوع، واقبل المسؤولون باحتفال كبير لوضع حجر الاساس، وبعد مدة تم افتتاح المستشفى، وتم قص شريط الاحتفال بحضور المحافظ، ولما كثرت الشكاوى من الحوادث قام المسؤولون ببناء كراج لتصليح السيارات المهشمة في المكان، تبعه بناء محطة بنزين، ولاضطرار المسافرين التوقف عند المنحنى الخطر، فكر أحدهم ببناء بعض المحلات لبيع المرطبات وخلافها، وافتتحت شركة تأمين مكتبا لها للمساهمة في حل مشكلة الحوادث، وبقي الكوع على ما هو عليه، وكان لزاما ان يكون هناك مخفر لمتابعة الحوادث المرورية في هذا المكان، ثم ظهرت بعد ذلك يافطة كبيرة تدعو المواطنين الى التبرع لبناء مسجد لخدمة «مجتمع الكوع»، وهكذا اصبح معلما وتراثا يتفاعل معه ويثور من أجله المجتمع كلما حاول أحد اثارة الموضوع وإزالة هذا المسخ.

أهالي اليرموك «باقين عيونهم» عجبا من هذا الانجاز الغريب العجيب، ويطالبون بتثمين البيوت المجاورة، وجعل هذا الجسر معلما تحيط به كل مظاهر الحضارة وجميع ما ذكر في «مجتمع الكوع»، ولا بأس من عمل مول مثل الافنيوز ليبقى شاهداً على ما وصلنا اليه من إهدار للمال العام!

الجسر لا يزال مغلقاً لان افتتاحه فضيحة وبقاءه مغلقاً فضيحة أعظم، ولا حل إلا ما ذكرنا، ولا عزاء لمشاريع تنتظر التنفيذ. اصبحت مؤمنا ايمانا لا يتزعزع بأن «الحكومة» ما هي إلا كلمة مشتقة من كلمة «حكمة».. وتسلمون!

د. صلاح العتيقي
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.