كلما أتى الحديث عن الاستعمار الأوروبي للمنطقة انقسمت الذاكرة العربية تلقائيا إلى قسمين، الأول يتجلى في الحروب الصليبية خلال القرن الثاني عشر ورمزها العربي «صلاح الدين الأيوبي»، والقسم الثاني يتمثل في الاستعمار الذي أعقب الحرب العالمية الأولى مطلع القرن العشرين ورمز مقاومته شيخ المجاهدين «عمر المختار»، وهكذا تغيب عن الذاكرة حروب صليبية واستعمارية شهدتها سواحل الخليج العربي في القرن السادس عشر ورموزها أبطال كثر من اليعاربة في عمان والجبور في البحرين وغيرهم.
لقد ربط البرتغاليون غزوهم لسواحل الخليج العربي بالصليب والحرب المقدسة، أما الحقيقة فإنهم كانوا يفتشون عن الثروات والسيطرة على مجرى الملاحة الدولية، وذلك ما تكشفه مراسلات نائب حاكم الهند البرتغالي الفونسو دي البوكيرك إلى ملك البرتغال وهو يعدد مكاسب احتلال البحرين لأنها «أهم ما يمكن أن يهتم به الإنسان وفيها عدد كبير من المراكب تنطلق باتجاه الهند محملة بعدد كبير من الخيول وكميات كبيرة من اللؤلؤ»!
الاستعمار الأوروبي الشرس لسواحل الخليج العربي تصدى له الناس بإيمان وبسالة، وأشير إلى البطل مقرن بن زامل الجبري سلطان الدولة الجبورية (إمارة الجبور) حين اندفع عام 1521 بجسارة الابطال الأسطوريين للذود عن البحرين بأسلحته البدائية فأصيب في المعركة ليقوم القائد البرتغالي أنطونيو كوريا بفصل رأس مقرن عن جسده، وتخليدا لهذه الحادثة البشعة أمر ملك البرتغال بنقش كف كوريا تمسك بالرأس المقطوع على درع، لايزال معروضا في متحف البرتغال!
تاريخ يتحدث وآذان صماء.
www.salahsayer.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق