حسن كرم: نرجو ألا تكون الكويت من بينها

كيف يقرأ الرجل العادي وأنا واحد من بين هؤلاء لا الرجل العسكري والمخطط الاستراتيجي الضربة الامريكية المحتملة إلى سورية؟
فالرئيس الامريكي باراك اوباما قال في تصريحات أخيرة انها ضربة محدودة وتأديبية لا تستهدف اسقاط نظام بشار الاسد، الا ان صحيفة «نيويورك تايمز» اشارت من جانبها ان الرئيس اوباما اصدر توجيهاته للبنتاغون لوضع لائحة موسعة من الاهداف المحتمل ضربها في سورية بهدف الحد من قدرة النظام السوري على استخدام السلاح الكيماوي، واضافت الصحيفة نقلاً عن مسؤولين امريكيين ان الاهداف ستتخطى الخمسين من المواقع الرئيسية تستهدف واحدات ومقرات عسكرية، فيما ذكر تقرير لشبكة «A.B.C» ان الضربة الامريكية ستكون اكبر ممن يتوقع مشيرة الى ان الضربة ستلحق ضرراً بالقوات السورية اكبر مما تسببت فيه قوات المعارضة السورية.
واذا تركنا الاستعدادات الامريكية والاهداف العسكرية السورية المنتقاة للضربة المحتملة والاهداف السياسية المبتغاة من وراء الضربة، يبقى هناك السؤال عن الوضع السوري الداخلي وهو الاهم، ففي تقرير تحت عنوان «قسوة الجيش السوري الحر ترعب امريكا» تناولت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير خاص بها يشير (التقرير) الى ان قسوة مقاتلي الجيش الحر تثير معضلة امام الغرب، وان ما تم توثيقه على اشرطة الفيديو يوضح تبني العديد من رجال الجيش الحر نفس التكتيكات القاسية والوحشية التي ينتهجها النظام السوري من تعذيب وقتل للاسرى، اضافة الى ان عناصر من المعارضة السورية اتجهت نحو التطرف وتحالفت علناً مع القاعدة، مشيراً إلى ان المناطق التي يسيطر عليها الثوار اصبح بعضها مكاناً آمناً يرتع فيه رجال العصابات والمجرمين، واوضح التقرير ان قلق المسؤولين الامريكيين يتركز على مجموعتين تعترفان بارتباطهما بـ «القاعدة» وهما جبهة النصرة والدولة الاسلامية في العراق والشام، وان هؤلاء استخدموا تكتيكات ارهابية متعهدين باقامة مجتمع يحكمه الاسلام المتشدد في سورية، ولعل اخطر من ذلك هو التصفية الطائفية حيث يتم ارتكاب المجازر بحق العلويين بعملية انتقامية مشينة..!!
ان دخول الحمام مش زي خروجه، كذلك ينطبق هذا المثل على الحروب تقريباً، فدخول الحرب قد يكون معلوماً واما الخروج هل يكون معلوماً كما يرسمه الاستراتيجيون..؟!!
لقد شهدت منطقتنا خلال الثلاثين السنة الماضية ثلاث حروب مأساوية (كل عشر سنوات حرب) ففي الحرب العراقية الإيرانية التي تصورها صدام حسين نزهة لن تزيد على ستة ايام فاستمرت ثماني سنوات وخلفت مليون انسان بين قتيل وجريح ومفقود ومعوق ويتيم وثكلى وارمل، هذا بخلاف الخسائر المادية التي خلفتها تلك الحرب العبثية القذرة.
ثم جاء الغزو العراقي فحرب تحرير الكويت التي ضمت ولاول مرة اكبر تحالف دولي (33) دولة بقيادة الولايات المتحدة الامريكية، فناهزت الخسائر مئات المليارات من الدولارات علاوة على حرق نحو (650) من الحقول النفطية الكويتية وتدمير البيئة، هذا علاوة على ما خلفت جريمة الغزو وحرب التحرير من القتلى والجرحى والمفقودين والشهداء والنازحين والهاربين من جحيم الاحتلال.. الخ، وفي سنة (2003) قادت الولايات المتحدة حرب تحرير العراق وسقوط النظام الديكتاتوري الصدامي بذريعة خطره على المنطقة وعدم كشفه عن سلاحه الكيماوي، ثم ها هي المنطقة تستقبل حرباً جديدة وهذه المرة تتخطى دائرة الخليج لتتوغل الى بلاد الشام بذرائع على الاقل بالنسبة لي غير مفهومة، فهل ضرب سورية بذريعة استخدام النظام للسلاح الكيماوي في الغوطة اي بمعنى ضربة تأديبية ام تدمير مخزوناته الكيماوية ام دك عظام النظام واضعاف قدراته وتمكين المعارضة لاهدافها وهي الاستيلاء على السلطة..؟!!
اذا كان الاستراتيجيون العسكريون الامريكان والفرنسيون قد حددوا بان تكون الضربة محدودة ولا تزيد على يومين ولكن من يضمن ألا تزيد على اليومين المحددين؟ فمن يملك الضربة الاولى؟ ولكن قد تفلت من يده الضربة الاخيرة هذا هو طبيعة الحروب، فالحروب ليست نزهة برية تحددها بالساعات وبسرعة السيارة، لذلك من يملك الضربة الاولى لا يملك الضربة الاخيرة، خصوصاً في وضع معقد في منطقة اشبه ببرميل بارود..
لقد جمعت امريكا تحالفاً لضرب سورية، وهذا التحالف جمعتهم الاهداف وفرقتهم المصالح، فماذا ترى يجمع هؤلاء هل هو اسقاط النظام واحلال الديموقراطية؟ ام حماية الشعب السوري من مظالم نظامه؟ ام ضمان امن اسرائيل ام تدمير اكبر حليف في المنطقة لايران وانهاء اسطورة حزب الله؟ كل هذه الاهداف وغيرها ربما واردة.. ولكن ماذا تعني لنا هنا في الكويت اذا شاركنا في ذلك التحالف من خلال الدعم المالي، ففي خبر انفردت بنشره جريدة القبس حيث أعلن وزير الخارجية الامريكي جون كيري ان دولاً عربية لم يسمها عرضت تحمل نفقات العملية العسكرية، فاذا صح هل الكويت احدى الدول العربية الداعمة للانفاق..؟ نحن نعلم ان الدول الخليجية القادرة ماليا على الصرف، ونحن نعلم عن الموقف السعودي والقطري والاماراتي المعلن حول الازمة السورية، وان الموقف الكويتي كان يتمحور حول الحل السلمي والدخول في الحوار، فهل مازال الموقف الكويتي صامداً؟ ام اتجه نحو المحاربين وبالتالي هل الكويت احدى الدول العربية الممولة للضربة الامريكية. ام مازالت على موقفها السلمي..؟!!
نعلم ان حرب تحرير الكويت فرضت على الكويت التزامات دولية تجاه التحالف الذي حقق التحرير ودحر الغازي الا ان اي التزام اذا لا يأخذ مصالح الكويت حتى تزج نفسها في حرب لا ناقة لها بها ولا جمل، وفي حرب قد نعلم بدايتها ولا نعلم نهايتها..؟!!
لذلك نقول وبكل صراحة ومن القلب نرجو الا تكون الكويت من بين الدول العربية الممولة للضربة القادمة على سورية، لقد ظلت صفحة الكويت بيضاء من خلال دورها الانساني للنازحين السوريين، وهو ما ينبغي ان تستمر فيه بعيداً عن شهوة الحروب والنزاعات.

حسن علي كرم

المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.