ناصر العبدلي: حدس والسلف!

هناك أربعة تيارات سياسية تمثل مكونات المجتمع الكويتي، بعضها يمتلك شريحة وقواعد أكبر من الآخرين لكن الحضور على الساحة السياسية هو نفسه رغم تلك الفوارق، هي الحركة الدستورية الإسلامية (حدس)، التجمع الإسلامي السلفي، المنبر الديمقراطي، والتحالف الإسلامي الوطني، وتلك التيارات أمام مرحلة محورية من تاريخ البلاد ومفترق طرق ينبغي الانتباه له بعمق وعدم تجاهل إرهاصاته.
أولا: ليس من مصلحة تلك التيارات أو بعضها الإندماج في قوائم وهمية قائمة على مصلحة آنية وبعدها تنتهي، وقد رأينا كم كان عبء ما يسمى بالأغلبية البرلمانية في مجلس الأمة «المبطل» من المحكمة الدستورية، فبعضها نتاج انتخابات فرعية مخالفة للقانون وبعضها يخلو من الوعي الذي تتطلبه المرحلة والبعض الآخر يطغى على عمله الفردية والأنانية، إذن فالأجدى أن تبتعد تلك التيارات أو بعضها عن «فخ» القوائم الوهمية.
ثانيا: تلك التيارات لديها قواعد حقيقية وتنظيم يمتد عند بعضها إلى أكثر من دائرة انتخابية، وهناك في الشارع الكويتي قناعة طرأت بعد تجربة المجلس «المبطل» بأن العمل التنظيمي أفضل بكثير من العمل الفردي، وهي فرصة ينبغي اقتناصها من جانب تلك التيارات بتعميق حضورها في الشارع الكويتي وطرح برنامج واقعي موحد، أو على الأقل تنسيقي، وليس برنامجا مليئا بالأحلام والشعارات صعبة التنفيذ من أجل الحصول فقط على مقعد انتخابي.
ثالثا: أخص الحركة الدستورية الإسلامية (حدس) والتجمع الإسلامي السلفي بالتحديد، وقد سبق أن ارتكبا أخطاء رغم أن لديهما من المؤسسات الداخلية ما يمكن أن يساهم في سيرهما في المسار الصحيح، عندما انحازا للحكومة في مرحلة من المراحل دون أن يكون هناك اتفاق فيما بينهما وبين الحكومة على برنامج واضح ومحدد، وكان الأمر كارثة بالنسبة لهما وخسرا الكثير من المقاعد، وها هما يكرران نفس الخطأ الآن ويسيران خلف أغلبية وهمية لا وجود لها على أرض الواقع وتركاها تقودهما، وهما الأكثر خبرة والأكثر قدرة على تحريك الشارع.
ينبغي على التيارين الإسلاميين الرئيسيين على الساحة السياسية المحلية أن يتبنيا دعوة بقية التيارات السياسية وأن يتفقا على خطوط عامة لبرنامج المرحلة المقبلة، بعيدا عن أجواء الضوضاء والضجيج العقيمة التي جربت سابقا ولم تثمر شيئا سوى العرقلة والتشفي وتصفية الحسابات، فالدول لا تبنى بالشتائم والصراخ بل بتبني أجواء الحكمة والتروي، وأعتقد أن هناك الكثير من الحكماء في (حدس) والتجمع السلفي وهم يعون ما أقوله جيدا.
الحكومة- كما يبدو لي- لديها رغبة صادقة في إصلاح ما خربه «الدهر»، ورئيسها الشيخ جابر المبارك كان متعاونا إلى أبعد الحدود في المرحلة السابقة، وبالتالي هناك فرصة لعمل شيء ما لكن بشرط أن يكون هناك حكماء يتناغمون مع الحكومة وليس مجموعة من المغامرين لا ينظرون إلا لمقعد لا يقدم ولا يؤخر في حياة الشعوب الواعية، بل هو وسيلة وليس غاية كما يعتقد البعض. لا تتركوا وطنكم هكذا يعبث به من متنفذين لا هم لهم سوى كنز الأموال على حساب المواطن البسيط، ولا تتركوه في المقابل لمجموعة عقيمة لا يعدو أن يكون مشروعها سوى التفنن في الشتائم وسب الشخوص لافتعال معارك وهمية.
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.