خالد الجنفاوي: المسؤولية الأخلاقية يكرسها تطبيق القانون

ثمة مصطلح قانوني وأخلاقي ارتبط بشكل خاص بالتطور الحضاري الغربي: “Culpability” وهو يشير إلى مستوى تحمل الفرد للمسؤولية القانونية أو الأخلاقية بالنسبة إلى قيامه بسلوك أو تصرف معين. وتحدد طريقة تعامل أعضاء المجتمع مع مسؤولياتهم الاجتماعية وخصوصاً في استحقاقهم اللوم عن الأخطاء التي يرتكبونها وطريقة نظرتهم الى دورهم الإنساني والاجتماعي: إذا تكرس الإحساس بالمسؤولية الأخلاقية تجاه أعضاء المجتمع الآخرين تكرس الحس الإنساني والضمير المدني وتكرست ثقافة احترام واجبات ومسؤوليات المواطنة الحقة. ومن هذا المنطلق, يمكن تقييم مستوى تمدن أو رجعية أي مجتمع إنساني وفق نوعية الأساليب والسلوكيات والتصرفات الشائعة فيه: فإذا زاد إحساس عضو المجتمع بالمسؤولية وتحمل التبعات الأخلاقية لسلوكياته وتصرفاته كلما تحددت طبيعته الأخلاقية وأصبح يميل نحو السلم الاجتماعي وإظهار التسامح تجاه الآخرين ما سيؤدي إلى تكون شخصيته الإنسانية المسؤولة والأخلاقية: أي أن ثمة أفرادا يدركون أهمية أن يشعر أحدهم أنه تحت طائلة مسؤولياته الأخلاقية والوطنية “Culpable”. وتصرفات الإنسان الذي يتحمل مسؤولياته الاجتماعية تكشف عن مدى تمدنه أو تخلفه.
ولكن عندما تشيع في مجتمع معين سلوكيات وتصرفات سلبية تميل ناحية الأنانية ومحاولة الاستحواذ على حقوق وحريات الناس الآخرين أو إشعارهم بالإذلال والمهانة وتخويفهم وإرهابهم فيدل ذلك على عدم إكتراث هؤلاء النفر بمسؤولياتهم الأخلاقية والاجتماعية تجاه أنفسهم وتجاه مواطنيهم الاخرين. وعادة ما “يتميز” هذا النوع من البيئات الانسانية بالفوضوية وضعف الالتزام بالنظام وعدم إحترام كثير من أعضاء المجتمع لقوانينهم المحلية ونظرهم الى علاقتهم مع أعضاء المجتمع الآخرين ومع سياقهم الاجتماعي العام أنها علاقات مصالح موقتة, وتكون الغلبة في هذا النوع من المجتمعات الفوضوية لمن ينتصر على الآخرين بقوته الجسدية أو بقوة لسانه أو بقوة تأثيره الطبقي أو حتى بمقدار تجاهله للمسؤوليات الأخلاقية والاجتماعية!
عدم الاكتراث بالمسؤوليات الأخلاقية والاجتماعية آفة تاريخية أدت إلى تدهور مجتمعات متعددة فحين تروج في المجتمع معايير اجتماعية تبدو ترتكز فقط على الأنانية وغلبة القوة الجسدية والثروة تصبح المسؤوليات الأخلاقية والاجتماعية آخر اهتمامات عضو المجتمع. وبالطبع, يشير عدم الاكتراث واللامبالاة بالمسؤوليات الأخلاقية والاجتماعية إلى عدم الاكتراث بكرامة الناس الآخرين واللامبالاة تجاه حقوقهم وحرياتهم الشخصية. ومن لا يكترث باحترام حقوق الناس الآخرين وحرياتهم وكراماتهم لا ينظر إليهم سوى كونهم معضلات وعوائق يجب التغلب عليها بأي طريقة سواء باللف والدوران أو القسر أو القهر و البطش أو عن طريق ما هو أسهل: قلة الأدب والاحترام.

* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.