لو سألتني هل تقف ضد مطالبات غالبية مجلس 2012 المُبطل لأجبتك بلا. المطالبات كما نسمعها في الاعلام وعلى التواصل الاجتماعي مقبولة شعبيا ودستوريا ولا أظننا بحاجة لقول غير ذلك. المشكلة ليست هنا، المشكلة الحقيقية هي مع الممارسة العملية والفعلية والتشريعية لأولئك النواب على أرض الواقع.
تتحدث الغالبية عن رفع سقف المطالب وبتعيين رئيس وزراء شعبي على سبيل المثال، ويتحدثون عن الإمارة الدستورية والحكومة المنتخبة والأحزاب، وأنه من الضروري الانتقال للنظام الديموقراطي الكامل، والتشديد على فصل السلطات وعدم التدخل والتداخل في ما بينها.
هذه جملة من مطالباتهم، وهي مطالبات مستحقة بالمناسبة، وخصوصا بعد مرور كل هذا الوقت على الامارة الدستورية وبعد الفشل الدائم في العملية السياسية. لكن هل من ضمان بأن الاستقرار سيأتي مع مطالباتكم هذه؟ وهل أنتم أهل لهذه التعديلات؟ هل أنتم حقيقة من يناط بكم هذه الوظيفة لتحقيق هذه المطالب؟
المشكلة الحقيقية ليست في هذه المطالبات كما قلت، المشكلة تكمن في أصل مبدأ احترام الدستور قبل المطالبة بتعديله. أنظر مثلا ما قاله أفضل من يتحدث من بينهم وهو عبيد الوسمي: «نمط المشاركة في الستينات لم يعد مقبولا في طموحات الشعب بالمشاركة، خصوصا وأن الاصلاحات الدستورية والديموقراطية أصبحت مطلبا أمميا».
هذا الكلام النظري جيد، لكن هل الاصلاح الدستوري يأتي من رحم الدستور، أم من خارجه ومن خلال النزول للشارع والفوضى وشحن المجتمع والمطالبة بحقوق فريق واقصاء الفرق الاخرى!؟ كل ما في الدولة ينضوي تحت هذا الدستور بما في ذلك اصلاحه إلى الافضل. فنحن لسنا ضد الاصلاح، لكن ضد أن يكون الاصلاح من خارج المساحة الدستورية، المساحة التي تعطى لكل الاطراف بما فيها الامير حفظه الله وباقي أفراد الشعب حقهم ونصيبهم من هذا التغيير.
ما يقوله الوسمي أو غيره مفهوم ومعقول، لكن ما ليس بمعقول هو أن يؤخذ الحق باليد وبالفتوة. فالاصلاح إلى الافضل يجب أن يسير وفق ما رسمه الدستور، لكنكم بتصرفاتكم تقولون للمجتمع «إصلاح دستوري» ولكن بنقض المحكمة الدستورية، اصلاح دستوري ولكن بالأسلمة السلفية للدستور، إصلاح دستوري ولكن بعدم تنزيه القضاء، اصلاح دستوري ولكن باختيار من ترونه رئيساً للوزراء!
وبالمناسبة يقول خالد السلطان بأن رفع السقف مصلحة سياسية، ويستغرب وينتقد على اثر ذلك أحمد الخطيب (أو «استاذ رفع المطالب» كما وصفه) كيف انقلب على هذه المطالب. الخطيب يا شيخ لم ينقلب على المطالب، الخطيب انقلب على من يمسك براية هذه المطالب.
hasabba@gmail.com
المصدر جريدة الراي
قم بكتابة اول تعليق