من تجربة الانتخابات الماضية، ضمن الدوائر الخمس، وجد أكثر من متابع أن علة تلك الانتخابات هي الأصوات الأربعة، فكثير من المواطنين في تلك الانتخابات يصوت لمرشح أو لمرشحين بالكثير، ويترك بقية الأصوات، وما علينا سوى مراجعة الفرز في الدوائر الانتخابية الخمس، حتى نكتشف تلك الحقيقة، وقد قيل لي من أكثر من مرشح إن هناك نساء كبيرات في السن يصوتن لمرشح أو مرشحين، ويسأل رئيس اللجنة الواحدة منهن لديك صوتان لمن تمنحيهما، فتقول لا أعرف، فيقول رئيس اللجنة اعط فلانا وفلانا.
ترك مثل تلك الأصوات الزائدة عن الحاجة فعلا يضر بالعملية الانتخابية، وبالعكس، سيكون مدخلا للعبث، فمن خلال الأصوات الممنوحة حاليا تقام الانتخابات الفرعية، وخصوصا في الدائرتين الرابعة والخامسة، وتسبب الكثير من الحرج لعدد كبير من الكفاءات الشابة التي تريد خوض الانتخابات، لكنها تحجم عن المشاركة، بسبب تلك الفرعيات، كما أن الأصوات الأربعة مدعاة لبيع وشراء الأصوات، فالناخب يصوت لمرشح يهتم به، لكنه لا يعرف ماذا يفعل ببقية الأصوات، الأمر الذي يفتح بابا لا يريد المنصفون أن يفتح.
كل ناخب عليه أن يحدد مرشحه للانتخابات البرلمانية المقبلة، ويمنحه صوته، ولا أرى داعيا لكل تلك الأصوات، إلا إذا أردنا أن تستمر كل تلك الانتهاكات للحياة الديمقراطية، وأن تبقى أمراض العملية الانتخابية كما هي، من فرعيات وشراء أصوات وتبادل بين المرشحين على حساب الكفاءات الوطنية الحقيقية. من يرد المرشح د. حمد المطر، فعليه أن يصوت له، ومن يرد المرشح رياض العدساني، فعليه أن يصوت له بشكل مباشر، ولا داعي لكل تلك البلوكات المخالفة للديمقراطية وللدستور.
يقول لي أحد الإخوة إن هناك تاجرا كبيرا لديه الكثير من وكالات السيارات عندما يترشح للانتخابات لا يترشح وحده، بل يرشح معه ثلاثة آخرين، ليكون بلوكا داخل مجلس الأمة، ويرصد مبلغا من المال يضمن أن يحصل كل مرشح من مرشحيه وهو معهم ما بين خمسة وستة آلاف صوت، بعضها من شراء الأصوات، وبعضها من خلال بعض المعاملات هنا أو هناك، فأي ديمقراطية نريد من تلك الآلية البائسة؟!
أتمنى من سمو أمير البلاد، ومن الحكومة، إصدار مرسوم ضرورة وقف المادة 71 من الدستور، بتخفيض عدد الأصوات إلى صوت واحد، إذا كانت فعلا جادة في القضاء على الفرعيات وشراء الأصوات، وإلا فإنها، لا أقول شريكة، بل متواطئة مع استمرار فكرة الانتخابات الفرعية وشراء الأصوات والتبادل وتخريب العملية الديمقراطية برمتها، فهل نبدأ هذه المرة بطريقة صحيحة تمنع كل تلك الشوائب التي خربت الانتخابات وقضت على أي فرصة للإصلاح؟!
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق