تتحرك عدة مطالبات من صحف وكتّاب وسياسيين وناشطين تطالب بما يمكن تسميته (اجتثاث الإخوان المسلمين) من كل قطاعات العمل في الدولة، ولعل أكثر من يطالب بهكذا مطالبة الزميل نبيل الفضل.
والحقيقة أن المطالبة بهكذا أمر صعبة التحقيق على أرض الواقع خصوصاً وأن الإخوة المنتمين الى الإخوان المسلمين والمتعاطفين معهم ربما نجدهم في كل بيت في الكويت. فهم ليسوا نتاج عمل لشهور أو سنين بسيطة بل هم نتاج عمل دؤوب امتد نحو خمسين عاماً، وكان برعاية رسمية من الدولة لتضرب بهم القوميين والاشتراكيين والناصريين والانقلابيين والبعثيين.. وكل تلك المسميات والتجمعات والتوجهات السياسية التي ظهرت في فترة الخمسينات والستينات وكانت بمثابة تهديد لاستقرار الدولة ولنظام الحكم فيها.
اذاً.. خلال فترة النصف قرن الماضية انتشر الإخوان المسلمون في الكويت انتشاراً كبيراً، وصار عدد من أبناء الكويت من كبار المفكرين والمنظرين والقياديين والمموّلين لهذه الجماعة في شتى أنحاء العالم.
دخلوا شراكات تجارية، أداروا مؤسسات مالية، باعوا واشتروا وتملّكوا.. سيطروا على عدد من مؤسسات الدولة مثلما سيطروا لفترة على المؤسسات التعليمية وعلى المناهج نفسها التي توجه النشء.
لذا.. بعد كل هذا لا يمكن الدعوة الى اجتثاث الإخوان المسلمين فجأة في الكويت، فكأنك تدعو رجلاً الى قطع يده ورجله وخلع نصف أسنانه!
ولكن ما هو الحل؟؟.. في نظري الحل يكمن في التفريق أولاً بين السياسيين والثوريين من الإخوان من جهة، ودعاة الخير وأهل الدعوة ونشر العلم الديني منهم من الجهة الأخرى.
والأمر الثاني، هو البدء باستعادة المواقع الاستراتيجية والخطرة، وعدم تركها تحت سيطرة احد لا الاخوان ولا أي توجه حزبي آخر، وأبرزها النفط الذي كان نهباً لقيادات سياسية حزبية لسنوات مضت. وكذلك مجلس الوزراء الذي امتلأ بالمستشارين وبالطبع المؤسسات العسكرية التي لا يمكن السماح بتغلغل أي فكر حزبي أو عنصري أو فئوي فيها. أما فيما عدا ذلك فهم إخوان لأهل الكويت وأبنائها قبل أن يكونوا (إخواناً مسلمين).. ولديهم من (البراغماتية) والعملية ما يؤهلهم لاستيعاب المرحلة الراهنة والمرحلة المقبلة والتعايش معها.
ولهذا.. لا يجب الإفراط في الضغط عليهم ولا ظلمهم ومعاقبتهم بشكل عشوائي على الانتماء الى جماعة رعتها الدولة وسقتها وتلقفت ثمارها طوال نصف القرن الفائت، فالأمور لا تنقلب بين ليلة وضحاها.
وليد جاسم الجاسم
waleed@alwatan.com.kw
انستغرام: @waleedjsm
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق