صلاح الساير: الجميع في انتظار غودو

يولد الإنسان ليمضي حياته يمارس الانتظار حتى لحظة الوداع الأخير. يحرث المزارع بستانه ويبذره ويرويه لينتظر موسم الحصاد. الصياد ينتظر المد والبحارة ينتظرون الريح المواتية. نقوم بالفحص الطبي ويتقدم أبناؤنا للاختبار في المدرسة والكل بانتظار النتيجة. المحكوم بالإعدام قابع في زنزانته ينتظر الموت. الأم الحبلى في غرفة الولادة بانتظار صرخة حياة الوليد.
ننتظر الراتب الشهري. المتسول في الأسواق ينتظر عطف القلوب الرقيقة. ننتظر العطلات والإجازات كي نسافر للاستجمام أو للعودة إلى الأوطان ومراكض الطفولة. الطوابير أمام مخبز الفران تنتظر النار تفرغ من شواء العجين. الشاعر ينتظر عبقر ليلهمه القصيدة. التلاميذ على مقاعد الدرس بانتظار الجرس. اللص في مكمنه ينتظر ظلام الليل ليسرق المنزل.

الرمال في الصحراء ترقب الغيمات تشتاق المطر. المراجعون ينتظرون السيد المدير. العاشقة لا تترك جوالها لحظة واحدة بانتظار اتصال الحبيب الذي هو بدوره ينتظر اتصالها. البائع ينتظر قبول الشاري بالسعر المعلن والثاني ينتظر تخفيض السعر. الركاب ينتظرون القطار. العناقيد تتدلى في العرائش بانتظار لحظة القطف، ومثلها الزهور، الشفاه، العيون، القلوب.

الحياة محطة انتظار.

*العنوان مقتبس من مسرحية (في انتظار غودو) للكاتب الايرلندي صموئيل بيكيت.

www.salahsayer.com
المصدر جريدة الانباء

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.