سامي الخليفة: نعم.. لتعديل قانون الانتخاب

بعد أن اتضحت خارطة الطريق من خلال ما سربته جريدة «الكويتية» على صفحتها الأولى قبل يومين من أن هناك حلاً دستورياً يعقب أداء الحكومة الجديدة للقسم في حال تشكلها أمام سمو الأمير وأعضاء مجلس عام 2009، ومن ثم الإعلان عن موعد انتخابات نيابية جديدة بنفس توزيعة الدوائر الخمس مع تقليل العدد من التصويت لأربعة مرشحين إلى اثنين فقط. بعد هذا التسريب بات من الطبيعي أن يعلن بعض نواب الأغلبية اعتراضهم على هذا التغيير رغم أنه لن يخالف مبادئ الدستور، إذ يحق لسمو الأمير أن يصدر أي مرسوم في فترة حل البرلمان يتم إقراره أورفضه في أولى جلسات المجلس النيابي القادم عندما تطرح على البرلمان مراسيم الضرورة.
هذا الاعتراض لبعض نواب الأغلبية البرلمانية المعارضة لا أجد سببا واقعيا له إلا كونه سيقلل من عددهم في المجلس القادم، وسيعيد شيئا من التوازن لمكونات المجتمع بكل أطيافه، وأيضا سيزيد من قدرة الحكومة على تنفيذ خططها ومشاريعها بعيدا عن تعسف الأغلبية وسيطرتها. ولأنه من حق الأغلبية أن تعترض كما تشاء ما دامت تملك إرادة حرّة في التعبير وإبداء الرأي، ولكن لا يمكن أن نقبل – ونحن في بلد دستوري – أن تتجاوز الأغلبية النيابية القنوات الدستورية السليمة في الاعتراض على أي مرسوم، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن هناك انتقائية في قبول شكل وحدود وماهية الحياة الديمقراطية التي ارتضاها أهل الكويت حكاما ومحكومين قبل أكثر من خمسين عاما.
ومع تهديد بعض نواب الأغلبية بالنزول إلى الشارع ومقاطعة الانتخابات القادمة، لابد من وقفة جادة ندرس فيها بدقة الدافع الحقيقي وراء تلك الروحية الصدامية التي تهدد بتوتير الشارع ودفع البلاد إلى المجهول مع كل خطوة تخالف أهواءهم وتتناقض مع طروحاتهم. فالتعاون المنشود يقتضي تلاقي إرادة الأطراف الموجودة في الساحة وليس في سيطرة جهة على الأخرى مهما كان السبب.
ولا يمكن أن نبني مستقبلا سياسيا سليما لمؤسساتنا الدستورية في ظل وجود تلك الثقافة الإقصائية والمتمردة على الذوق العام والتي تسعى لخلق روحية الصدام والتمرد مع كل خطوة تراها السلطة السياسية. فاحترام النظام العام وضبط إيقاعه هو الأساس الأول الذي على الجميع احترامه والقبول به، لأن به ومنه يمكن ضمان ديمومة الدولة وبقاء النظام الدستوري، ومن دونه يضطرب المناخ السياسي وتعم رياح الفوضى وطغيان الأغلبية على الأقلية.
لذا.. فلابد من أسس قيميّة سليمة نحترمها جميعا ونؤطرها بجملة من الخطوط الحمراء التي لا يصح تجاوزها أوالتعدي عليها مهما كانت الأسباب، وعلى رأسها استخدام وسائل غير دستورية لا تؤدي إلاّ إلى الإخلال بالنظام العام من جانب، والسعي لتعكير صفو العلاقة بين الحاكم والمحكوم من خلال اتباع لغة تحريضية لتأليب الشارع على نظامه، وهنا مكمن الخطورة وبيت الداء اللذين حذرنا منهما مرارا وطالبنا بتدخل العقلاء في الحد منه.
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.