فوزية أبل: قاعة عبدالله السالم

انشغل الرأي العام الكويتي بالحكم الأول من نوعه في تاريخ الكويت، حيث قضت المحكمة الدستورية بإبطال مجلس أمة 2012، واستعادة المجلس المنحل (2009) لسلطته بقوة الدستور وكأن الحل لم يكن.

وأدلى نواب المجلس المبطل والمنحل كل برأيه، إلى جانب آراء المختصين الدستوريين، والتعاطي الحكومي مع هذا الحدث التاريخي، ولكن أثارت تصريحات بعض نواب الأغلبية ضد الحكم القضائي استياء الكويتيين.

مشكلة «الأغلبية» أنهم جعلوا من نجاحهم واعتلائهم المراكز الأولى مبعثاً للتباهي أمام الشارع وأمام خصومهم، بل كان دفاعهم عن الكتلة وعن «تماسك الكتلة» أكثر من دفاعهم عن أولوياتهم ووعودهم التي قطعوها على ناخبيهم وجمهورهم.

ولا يختلف اثنان على ان الكتل والأطراف النيابية داخل كتلة الأغلبية كانت تجمعها المصالح لا أي فكر ايديولوجي سياسي ولا برنامج وطني. فعلى سبيل المثال: النائب رياض العدساني كان في البداية يحضر اجتماعات الكتلة ثم انشق عنها عندما تعارضت المصالح، ثم عاد مرة أخرى بعد صدور حكم المحكمة الى حضور اجتماعاتها، عندما التقت المصالح مرة ثانية.

وحتى الاستجوابات كانت عبارة عن اتفاق بين نواب الأغلبية، فأقرب وصف للأغلبية هي كتلة جمعتها المصالح.

ولا بد من الإشارة، الى أنه شابت نواب الأغلبية ممارسات طالت تشويه الدور لبعض مؤسسات الدولة الحيوية وأجهزتها، التي تمثل عصب الحياة وشريانها في الكويت، فمؤسسات كديوان الخدمة المدنية وديوان المحاسبة ومؤسسة التأمينات وغيرها، مهما علا سقف النقد والاختلاف، وحتى لو شابها بعض القصور والأخطاء لا يمكن بأي حال من الأحوال ان نعرِّض تلك المؤسسات للتفكك والتشويه وادخالها في دوامة الخصومة السياسية، وهي المؤسسات التي تلامس مصالح المواطن اليومية.

فقد لعب مجلس الأمة طوال عمر المسيرة الديموقراطية دوراً في تأسيس الكثير من المؤسسات والقوانين المهمة في حياة الكويتيين.

فمجلس الأمة ضمانة للاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي في البلاد، وعضو مجلس الأمة ليس مجرد نائب يكمل نصاب المجلس، فالبرلمان صاحب اختصاص أصيل في الوظيفة التشريعية والرقابية.

فقد أصبح واضحاً غياب أولويات العمل البرلماني، وغياب السلوك والأداء البرلماني الصحيح.

فالتبدل الحاصل في أسلوب العمل البرلماني يلقي بثقله في ذهن المواطن الكويتي الذي كان يضع الآمال على التجربة الديموقراطية العريقة، وضرورة الاستفادة من التجارب السابقة وتطوير الايجابيات وتلافي السلبيات. لكن الذي يحصل في هذه الأيام يكاد يكون النقيض تماماً.

فالثغرات السابقة في العمل البرلماني تتحول الى مسارات بالغة الضرر على كل الصعد، فيما النجاحات تتقلص وحجمها يتضاءل والوطن يدفع الثمن، كما ان سمعة مجلس الأمة تتدهور.

فوزية أبل
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.