يوسف العنيزي: “شلتك في يوفي وطن… يا كويت”

لعله من نعم الله الكثيرة علينا في هذا الوطن الغالي نعمة الحرية والتعبير واحترام الرأي الآخر والحوار الراقي البعيد عن الإسفاف والاستخفاف والتمسك بالأخلاق وأدب الحوار بعيداً عن الشتم والقدح والتشهير والحديث في ذمم الناس وأعراضهم، من هذا المنطلق فإني أعتقد أن من حقنا إبداء الرأي في الموضوع الذي شغل الساحة طوال الأسابيع القليلة الماضية، وهو الاستفتاء الذي أجراه مجلس الأمة، وإن كان بعض الأعزاء عبّر عن اعتقاده بأن الموضوع قد استوفى حقه من النقاش وأخذ مداه وظهرت نتائجه وحدد المواطن الكويتي أولوياته.
ومع كل احترامي وتقديري لكل من طرح وسعى وقام بهذا العمل الوطني الرائع الذي يدل على رغبة صادقة في اتباع السبل والطرق العملية والعلمية في مواجهة الأزمات والمشاكل التي تعانيها البلاد، فهذا الأسلوب متبع في كثير من دول العالم الديمقراطية، وعلى سبيل المثال فقد أجرى الاتحاد السويسري استفتاءً لمعرفة رأي المواطن في الانضمام إلى اتفاقية “شينغين” أو التأشيرة الأوروبية الموحدة، كما أجرت بريطانيا استفتاءً لمعرفة رأي المواطن في الانضمام لكتلة النقد الأوروبية “اليورو” أو الاحتفاظ بالجنيه الإسترليني كعملة وطنية.
وقد اختلف الوضع عندنا حيث أجرى الاستفتاء لمعرفة أولويات المواطن الكويتي التي جاءت غير بعيدة عن التوقعات، فماذا عساه يقول المواطن الذي يعاني مشكلات وأزمات مستديمة ومستوطنة وفي تزايد مستمر، فقوائم طلبات الإسكان ضاقت بها الأرفف، والمستشفيات غدت ممراتها مكتظة بالمرضي، أما التعليم فبعد أن “أكل حمد وشرب” واشترى قلماً فقد وصلنا إلى يوم القيامة وأهوالها وعذاب القبر والجهاد المقدس حتى لم نستبعد أن يدخل علينا أطفالنا ذات يوم وهم يحملون على أكتافهم رشاشات “كلاشنكوف”.
ثم قائمة من المشاكل التي لن نكررها بعد أن أصبحنا نعايشها بشكل يومي، ومع جل احترامنا للرأي القائل بأن الجهاز التنفيذي للدولة لا يملك الكفاءة والمقدرة على مواجهة كل تلك المشاكل في آن واحد، لذلك لا بد من وضع “أولويات” للتنفيذ، فهل يعني ذلك أن الجهاز التنفيذي للدولة كان في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي أكثر كفاءة ومقدرة من الآن، فقد استطاع ذلك الجهاز أن يؤسس الدولة بكل وزاراتها ومؤسساتها وهيئاتها وإنشاء مدينة الصباح الطبية والمدارس بكل مراحلها والموانئ البحرية والمطار، وأغلب المناطق السكنية والبنوك والشركات، وقائمة من الإنجازات… وغدت الكويت تحمل صولجان الريادة في المنطقة بأسرها وفي كل المجالات بلا استثناء.
وهذا يطرح تساؤلاً جاداً، لماذا كان الجهاز التنفيذي للدولة في ذلك الوقت أكثر كفاءة ومقدرة من الآن؟
في ظل هذه الأعداد الهائلة من الوافدين التي تجاوزت الملايين، مع وفرة مالية كبيرة متراكمة، وقطاع خاص بمواصفات عالمية مميزة، أضف إلى ذلك مكاتب هندسية واستشارية وشركات عالمية تتلهف للمشاركة في تنفيذ المشاريع الكبرى، والأهم دعم لا محدود من القيادة السياسية العليا التي لا تزال تطالب وبإلحاح بالإسراع في خطط التنمية والمشاريع الكبرى وتنويع مصادر الدخل… إذن أين الخلل؟
ولماذا الدول من حولنا في سباق مع الزمن في الوقت الذي نشعر فيه أن الزمن قد تجاوزنا؟ ولا نقول ذلك بهدف المقارنة فالكويت تبقى الوطن والأمل والولاء.
ولله در شاعرنا المبدع دائما الأخ العزيز بدر بورسلي عندما يقول “وياك عبرت الزمن… شلتك في يوفي وطن… يا كويت”.
حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

الدولة (101)

وصلنا بحفظ الله إلى الوطن الغالي، وأخذت الطائرة طريقها متجهة إلى إحدى البوابات، فجأة توقفت وأعلن قائدها بلهجة فيها بعض التهكم أننا سنضطر للانتظار إلى حين الحصول على بوابة في مطار الكويت الدولي، بعد مرور بعض الوقت، أعلن قائد الطائرة بطريقة فيها مزيد من التهكم “الحمد لله فقد حصلنا على بوابة جاهزة بعد مغادرة إحدى الطائرات”… بعد خروجنا من المطار الذي يشعرك وضعه بالألم، واجهتنا لوحة إعلانية رائعة كُتِب عليها “منذ عام 1961 والصندوق الكويتي للتنمية يساعد 100 دولة لإقامة مشاريع التنمية”، فتمنيت أن تكون الكويت الدولة رقم (101) في قائمة الصندوق على أن تكون البداية في المطار.
المصدر جريدة الجريدة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.