كعكة “وربة” تثير شهية المستثمرين

بعد أسابيع من إدراجه في البورصة، تشهد الكويت منافسة حامية على اقتناص أسهم بنك وربة الإسلامي المملوك للمواطنين وسط أجواء ترقب لمن سيخرج فائزا بالسيطرة على الحصة الأكبر في البنك.

وتمنح كعكة بنك وربة الفائز بها ذراعا للمعاملات الاسلامية التي تشهد طلبا متناميا في الكويت.

وتملك الهيئة العامة للاستثمار 24 في المائة من إجمالي أسهم بنك وربة الذي تأسس عام 2010 والنسبة الباقية وزعتها الحكومة مجانا على المواطنين الكويتيين بواقع 684 سهما لكل منهم. ويبلغ رأسمال البنك 100 مليون دينار (351.5 مليون دولار).

وفي الثالث من سبتمبر جرى إدراج البنك في بورصة الكويت مما أتاح للمساهمين فيه من المواطنين بيع وشراء أسهمه للمرة الأولى.

وبلغ المتوسط اليومي لحجم التداول في سهم البنك منذ إدراجه 11.8 مليون سهم والقيمة 4.5 ملايين دينار وهي معدلات عالية بالنسبة لبورصة الكويت.

وتوقعت مصادر مطلعة رفضت الكشف عن هويتها أن تحتدم المنافسة بين جهتين رئيسيتين هما البنك التجاري الكويتي ومجموعة مشاريع الكويت القابضة (كيبكو) (المحرر: كما كانت ذكرت القبس في أول أيام تداول السهم)، التي تمتلك بنك برقان للحصول على الحصة الرئيسية في بنك وربة.

وقال جاسم السعدون مدير مركز الشال للاستشارات الاقتصادية «البنوك التجارية التقليدية المحلية أصبح من ضمن اهتماماتها أن تكون لها ذراع بنك إسلامي.. من مصلحتها استراتيجيا أن تشمل السوقين.. المصرفي الإسلامي والتقليدي».

وقال محمد المصيبيح مدير المجموعة المحاسبية في شركة الصالحية العقارية «الكل يريد ذراعا استثمارية إسلامية. الكل يسعى لهذا الموضوع».

كان جسار الجسار المدير التنفيذي لبنك وربة قال في مؤتمر صحفي عقده قبل يوم واحد من إدراج البنك في البورصة، إن مستقبل البنك واعد وقطاع المصارف الإسلامية هو الأسرع نموا في المنطقة، معتبرا أن الاستثمار في البنك على المديين المتوسط والطويل سيكون جيدا للمساهمين.

استراتيجية واضحة

وقال الدكتور حيدر الجمعة الخبير في مجال البنوك الإسلامية لرويترز إن أي جهة تريد الاستحواذ على بنك وربة لابد أن يكون لديها استراتيجية واضحة ومعلنة لتسيير البنك وكيف سينافس في هذا السوق المزدحم بالمنافسين الأقوياء.

ولفت الجمعة الذي يشغل أيضا موقع عضو مجلس إدارة بنك الكويت الدولي والرئيس التنفيذي للشركة العربية العقارية إلى أن النسبة الأكبر للأعمال التي يقوم بها بنك بوبيان الإسلامي تعتمد على ما يقدمه له بنك الكويت الوطني الذي يملك حصة 58.34 في المائة فيه، مشيرا إلى أن المستثمر الجديد لابد أن تكون لديه منظومة متكاملة تجعل بنك وربة جزءا فاعلا منها.

وأكد الرئيس السابق لاتحاد مصارف الكويت عبد المجيد الشطي ان من أهم الشروط التي سيضعها البنك المركزي للجهة التي ستسيطر على بنك وربة امتلاك خطة استراتيجية لإدارته وتحقيق قيمة مضافة لبنك وربة وللمستثمر ذاته وللاقتصاد الكويتي ككل. وأضاف «البنك المركزي لا يريد أن يعيد تجربة بنك بوبيان».

كان بنك بوبيان الإسلامي الذي تأسس في 2004 وأدرج في البورصة في 2006 قد مني بخسائر كبيرة عقب الأزمة المالية العالمية بلغت 51.69 مليون دينار في 2009 لكنه استطاع تحقيق أرباح فيما بعد بشكل مطرد بعد سيطرة بنك الكويت الوطني أكبر بنك تقليدي في البلاد عليه.

وفي يوليو 2012 رفع بنك الكويت الوطني نسبة تملكه في بنك بوبيان إلى 58.34 في المائة من 47.29 في المائة في صفقة بلغت 121.65 مليون دينار، وهو ما أعطى دفعة قوية للبنك وساهم في إقالته من عثرته.

ويرى الشطي أن للأمر أبعادا أخرى. وقال «سيكون من الصعب سياسيا الموافقة على الاستحواذ على هذا البنك في الفترة القصيرة «المقبلة».. هذا البنك كان الهدف منه أن يكون بنكا شعبيا.. هذا يجعل من الصعوبة الموافقة على ذلك».

وقال الجمعة «خمسة (بنوك إسلامية) كثيرة جدا على الكويت.. إنها خبزة واحد.. الكل يأكل فيها».

وكان الجسار توقع في المؤتمر الصحفي قبيل الإدارج أن يكون بنك وربة هو آخر رخصة لبنك كويتي لمدة طويلة.

حصة سيطرة

وتضع المنافسة الشديدة في السوق الكويتي بنك وربة في موقف لا يحسد عليه، لا سيما أنه أصغر بنك إسلامي من حيث رأس المال، وهو ما قد يؤثر سلبا على قدرته على الإقراض.

وتتضارب الأقوال في القدر الذي يمكن اعتباره «حصة سيطرة» تمكن صاحبها من التحكم في مجلس الإدارة وتسيير أمور البنك في ظل سيطرة الحكومة على 24 في المائة من الأسهم.

وقال المصيبيح إن الطرف الذي يرغب في السيطرة على مجلس الإدارة سيحتاج فقط إلى تملك أكثر من نصف الأسهم غير الحكومية البالغة 76 في المائة، أي 38 في المائة فأكثر.

وقال الجمعة إن السيطرة على بنك وربة يمكن أن تتم من خلال امتلاك نسبة 35 في المائة ثم التحالف مع مساهمين آخرين يمتلكون حصصا أقل، مضيفا ان الوصول إلى هذه النسبة سيحتاج إلى وقت طويل «لأن التجميع يتم من خلال عدد كبير من المساهمين».

ويلزم القانون الكويتي كل من يرغب في تملك 30 في المائة أو أكثر من أسهم أي شركة مدرجة بالبورصة أن يقدم عرضا مماثلا لجميع المساهمين بالسعر نفسه وبالشروط نفسها، وهو ما يعتبر إحدى العقبات الرئيسية لأي مستثمر يرغب في زيادة حصته على 30 في المائة.

وأوضح السعدون أن الاستحواذ على 29.9 في المائة من البنك سيكون كافيا للسيطرة على مجلس الإدارة «لأن الحكومة هي دائما مساهم صامت» لا يتدخل في شؤون مجلس الإدارة ويترك الأمر كله للمساهم الاستراتيجي.

وقال السعدون «زين نموذج واضح أن الحكومة طرف صامت.. تغيرت الاستراتيجية (في شركة زين) مرتين من دون أن تتدخل من الحكومة.. الحكومة تعين ممثلين وتبقى في الظل.. هي لا تريد أن تدخل في مشكلات».

وتمتلك الحكومة 24 في المائة تقريبا في شركة زين للاتصالات.

حياد الحكومة

وقال المصيبيح «الحكومة دائما محايدة. وممثلوها في مجالس الإدارات وفي الجمعيات العمومية يكونون موجودين لكنهم لا يصوتون لمصلحة أي طرف حتى لا تدخل في صراع مع أحد».

وعن الاستراتيجية الجديدة للبنك في حالة السيطرة عليه من قبل أي جهة خاصة، أكد الجمعة أن تغيير أعضاء مجلس الإدارة سيكون أسهل كثيرا من تغيير الإدارة التنفيذية لأن «الجهاز التنفيذي استقراره ضروري جدا لاستقرار العمل» كما أن موافقة البنك المركزي ضرورية على كل من يشغل المناصب القيادية.

ويسود اعتقاد بأن احتدام المنافسة بين طرفين أو أكثر على بنك وربة سيخلق مجالا واسعا للمضاربين الذين يمتلكون حصصا صغيرة لكنها قد تكون مؤثرة في اللحظات الحرجة.

تجميع

وقال محمد المصيبيح إن هناك من سيعمد إلى تجميع نسب أقل من خمسة في المائة ربما تكون اثنين أو ثلاثة في المائة من الأسهم، ليس بهدف التملك الدائم وإنما ليساوم عليها عند احتدام المنافسة ويحصل على أعلى سعر من المتنافسين. وأضاف «السعر الآن مرتفع لكن نتوقع أن يرتفع أكثر إذا اشتدت المنافسة».

ويرى الشطي أن السيطرة على البنك ستكون مكلفة للغاية وقد تصل تكلفتها إلى 180 مليون دينار.

وتساءل «ما الجدوى من الاستحواذ على بنك إسلامي بتكلفة عالية» في ظل سيطرة بيت التمويل الكويتي على الحصة الأكبر في السوق، لا سيما أن البنوك خرجت لتوها من الأزمة المالية العالمية.

ويتكهن المصيبيح بأن الإعلان عن تملك حصة أكبر من خمسة في المائة سيأتي «فجأة» بعد أن يتمكن أحد المتنافسين من عقد اتفاقات مبدئية مع عدد من المجموعات التي تملك حصصا مؤثرة ثم يتقدم بطلب للبنك المركزي وبعد موافقة «المركزي» وإتمام الاستحواذ يأتي الإعلان.

أما السعدون فيرى إن الأمر سيتضح بنهاية العام فإذا أعلن طرف تملكه خمسة في المائة من دون أن يعلن طرف آخر في وقت قريب تملكه لنسبة موازية فإنها ستكون عندئذ «مسألة توقيت.. متى أشتري دون أن أرفع الأسعار بشكل كبير. لكن إذا دخل طرفان فستكون منافسة محمومة».
المصدر “رويترز”

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.