صالح الشايجي: معالجة “الدواء” بـ “الداء”

حراجة الوضع السياسي في البلاد تتطلب الدقة والتعقل في التعاطي مع كل ما أعقب حكم المحكمة الدستورية بعدم شرعية حل مجلس 2009 الذي مات تحت وقع الضربات الموجعة التي تلقاها وكان مستحقا لها.
وليس من أسف على رحيل ذلك المجلس الذي حقق بعض أعضائه أكبر عملية عهر سياسي قد تشهدها بلاد من بلدان الدنيا، وهي التي عرفت بفضيحة «النواب القبيضة».

وقد يحق لي أو لأي مراقب لما يجري على ساحتنا المحلية، أن نسمي ما يجري كردة فعل على حكم المحكمة الدستورية بأنه معالجة «الدواء بالداء» وليس العكس، فإن كان الحل باطلا وقد عالجه حكم المحكمة بـ «دواء» فإن ردة الفعل على الحكم هي بمنزلة «الداء»، لاسيما وقد صار الشارع هو خصم المحكمة، ولم يتنبه ـ أو ربما تنبه ـ الذين يقودون مجريات الشارع إلى خطورة هذه الحالة التي استثمروها في سبيل تحقيق أهدافهم ـ التي لا نتهمهم بأنها شخصية ـ بل هي أهداف نبيلة تطور العمل السياسي، ولكن الخطأ في الأسلوب وفي اللجوء إلى الشارع وتدني الخطاب الذي لا يرقى إلى مستوى الخطاب السياسي لا بمفرداته ولا في موضوعه.

واستمرار الوضع على هذه الشاكلة والمرشح لأن يتصاعد، قد يجر البلاد إلى وضع أشد حراجة وربما خطورة ولسنا بمغفلين لتوهم غير ذلك. ولا أظن أن المتسببين في وصول الأمور إلى هذه الدرجة، يسعدهم ذلك أو أنهم سيحصدون ثمار ما يزرعون أو أن أهدافهم ستتحقق.

ورغم احترامي للجماهير المحتشدة في المهرجانات ـ أو المآتم السياسية الحالية ـ فإن هذه القضايا الشائكة والدقيقة وما تنطوي عليه من نبل المقصد، ليس محلها الشارع ويجب ألا يكون هو الحكم بسبب اختلاف مستوى الفهم والإدراك لدى هذه الجماهير وعدم تحلي البعض بالنضج الكامل لاستيعاب الأسباب الموضوعية لما يجري.

وهنا تكمن الخطورة، لاسيما إذا ما ساد أو تسلل خطاب غوغائي ومتدن كما سمعنا من بعض نجوم الساحة.

katebkom@gmail.com
المصدر جريدة الانباء

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.