وليد الجاسم: مبرووووك.. الإنجاز الكويتي الجديد

بثقة كاملة أقولها، وكلي فخر وزهو وغرور، إن الكويت تمكنت من الإطاحة برمز الروتين العالمي الأشهر (وهو مجمع التحرير القابع وسط القاهرة)، وإن الكويت بمؤسساتها الكثيرة تربعت على عرش الروتين العالمي لتكتمل إنجازاتنا الرائعة في الإطاحة بذوي المراكز الأولى.
نحن أطحنا بالأمريكان من عرش السمنة واحتللنا المركز الأول بجدارة، ونحن سطونا على المراكز الأولى والمتقدمة في عالم الإصابة بأمراض الضغط والقلب والسكر، والآن نحن أيضاً أطحنا بالدول المكتظة من عرش الزحام المروري واحتللنا المراكز الأولى بجدارة لا نحسد عليها أبداً، حتى صرنا نقول الله يرحم زحمة القاهرة وبيروت على زحمة الكويت!!.. وبعد هذا كله صرنا الملوك المتوّجين على عرش الروتين العالمي.. وبجدارة قلّ نظيرها.
النظام الإداري في الدولة بات مهترئاً تماماً ووضعه أسوأ من وضع جذع شجرة ميّتة نخره السوس نخراً كاملاً حتى بات الجذع لا يحتمل أي لمسة فيتهشّم فور ملامسته لأي شيء.
الروتين وصل حدوداً لا تطاق في ظل تكدس وظيفي غير مسبوق من الكويتيين والوافدين الذين ما إن يدخل المراجع حتى يلاحظ أنهم جميعاً خفضوا رؤوسهم وبدأوا العبث بأجهزتهم الهاتفية الذكية ضمن حالة (استهبال) من الموظف لكي لا يقوم بالعمل، وإن أحرجت أحدهم وسألته سؤالاً.. ترتسم على وجهه بلاهة لا توصف، تعرف بعدها بدقة اشكال من على رؤوسهم الطير!
حتى غرف دفع الأموال.. أو (الصندوق) التي يفترض أن تكون الأكثر جدية والتزاماً وصرامة بحكم طبيعة العمل صرنا نشاهد داخلها حالة التكدس الوظيفي الذي يقود الى التراخي والاستهتار، وبعدما كان خلف كل شباك صندوق موظف واحد صار العاملون داخل غرفة الصندوق ما بين 6 – 8 موظفين كلهم «ما لهم خلق»، ويتفننون في رد المراجع لأي سبب كان.
جملة من الطلبات «الرائعة» يطلبها الموظفون قد تدفع بالمراجع الى شق الجيوب ولطم الخدود، طلبات تزيد من طين الزحام بلة، فيكون المراجع أمام خيارات محدودة جداً إما أن يعود لاستكمال الأوراق التي لا تكتمل، وهنا سيخوض في الزحام من جديد وعندما يعود يقولون له (خلّص الدوام.. وفوت علينا بكره)! فيرتفع الضغط والسكري لديه، وربما يبدأ ترديد كلمة (أبيها)! أو أن يدخل في هوشة وهنا يواجه خطر السكاكين التي تملأ الجهات الحكومية لزوم تقطيع الكيك والبيتزا وتقشير التفاح والبرتقال.. أو أن يُقَلِّب وجهه شطر اليمين والشمال آملاً العثور على أحد يعرفه يكون له واسطة خير تنقذه من كل هذا الروتين.
حتى الوسائل المدنية الحديثة المفترض أنها وضعت لاختصار الإجراءات وتسهيلها صارت وسائل تعقيد وعرقلة في وجه إتمام المعاملات، فصار الكمبيوتر حجة للتراخي والتأجيل وانغلاق المخ، وصار نفاد الطوابع من مكائن بيع الطوابع (علثة) ليقولوا للمراجع تعال باكر.. ماكو طوابع، وإذا كنت عبقرياً وأوراقك مكتملة والطوابع ملزوقة وكل شيء سليم ستفاجأ أن المدراء يختفون في مكاتب سرية حيث يشربون الشاي والقهوة ويغردون على تويتر، وأن طريقك لإنجاز المعاملة مسدود مسدود يا ولدي!
أظن أننا بحاجة عاجلة الى استقدام جهات عالمية تدرس غباء الدورة المستندية في الكويت، وتنظر بشكل جاد في إمكانية فرض نظام الموظف الواحد لإنجاز المعاملة بعد شبك الجهات الحكومية بنظام الكتروني موحّد. أو ارجعوا الى زمن الورقة والقلم والملفات ولا تقصون على روحكم.. فنحن في دولة موغلة في التخلف.. وإن تدثرت بدثار حضاري اشترته بأموالها.
? ? ?
تعليقاً على مقال الأمس، حول التمييز الطبقي الذي يمارس برعاية حكومية بين موظفي الدولة في مختلف القطاعات أثناء العمل وبعد التقاعد.
صديق ظريف اتصل بي قائلاً:
سمعت آخر نكتة: واحد من موظفي الأشغال تقدم لوحدة من موظفي النفط.. لكنها ردته وقالت: وزارتك مو من مواخيذنا!!

? ? ?
بارقة أمل
سعدت كثيراً بإعلان وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الصحة الشيخ محمد العبدالله المبارك الصباح عن اتفاق على تعاون صحي كويتي بريطاني واسع.. مشكور يا بو عبدالله وعسى يكون توجهاً عاماً لمجلس الوزراء.

وليد جاسم الجاسم
waleed@alwatan.com.kw
انستغرام: @waleedjsm
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.