عبداللطيف الدعيج: كلها مدن وكلها بناء عمودي

الحالمون من المواطنين بالسكن الحكومي الافقي أو بالأحرى المصرون عليه، الم ينظروا ويتفكروا في وضع المناطق السكنية الحالية؟ مناطق السكن التي كانت تسمى «نموذجية» في السابق، هل هي نموذجية أو حتى سكنية في الوقت الحالي؟! كلها تحولت الى ما يشبه وسط المدينة، ولا تختلف في ضجتها وازدحامها عن المساكن القريبة من المراكز التجارية. وهي تفتقد مثل وسط المدينة الحدائق والساحات العامة.

حتى الخالدية والعديلية اللتان كانتا في زمن مضى، مثالين للمناطق النموذجية لم تعودا كذلك. وتم استغلال أراضيهما الفضاء للجامعات وللمؤسسات العامة بدلاً من وضعها كما كان الهدف لخدمة «سكان المنطقة». بينما تحولت مساكنها الى عمارات تستضيف كل منها العديد من الأسر.

المناطق السكنية التي يصر على البناء فيها أو سكنها المواطن الكويتي «الناطر بيت» كلها حاليا ذات نسب بناء عالية جداً. تتناسب ونظام المدن والمراكز التجارية وليس الضواحي ومناطق السكن. حالياً أغلب مساكن المناطق هي من ثلاثة وحتى أربعة أدوار. اذاً ما الفارق بينها وبين عمارات حولي أو السالمية؟! لماذا يصر المواطن على بناء بيته بأربعة أدوار، بل هو يتوسط ويستذبح لتقسيم أو فصل قسيمته الصغيرة الى قسيمتين، بينما يرفض في الوقت ذاته السكن العمودي ويتصدى إلى أي تخفيض في حجم القسائم المجانية؟!

في نظري، ونظر كل من يتطلع الى سكن مريح وهادئ، ان مناطقنا السكنية لم تعد صالحة للسكن. وليست مكانا جيداً وآمناً لتربية النشء. بل الافضل هو بناء مساكن في المناطق البعيدة وتحديد خواص المناطق السكنية لها. يعني تحريم استغلال الاراضي الفضاء فيها، سواء من قبل الدولة أو المواطن. وتحريم «بيات» أو ركن أو صف السيارات أمام المنازل أو بالأحرى تحويل «كراج» البيت الضروري الى ديوانية أو ملحق للإيجار كما يحدث حالياً. بل حتى من الضروري الذهاب إلى أبعد من ذلك وتحديد عدد المقيمين في كل وحدة حفاظاً على الخدمات العامة وعلى التماثل بين نسب البناء وتعداد السكان.

المواطن عندنا ليس معنياً بالسكن المريح والهادئ، والمناسب لتربية الأبناء ورعايتهم. بل هو يسعى الى التحصل على استثمار حقه السكني لتحقيق مستوى أرفع أو التحصل على دخل إضافي يكسبه شعوراً زائفاً بالأمن والراحة. لهذا فإن المناطق السكنية تعيش حالة من الفوضى وتتمتع بقدر كبير من خواص المدن وما يسعى طالب الراحة والدعة الى الابتعاد عنه.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.