لعلنا نحتاج الى فهم الفلسفة الوظيفية الجديدة التي ابتدعتها الحكومة الرشيدة مؤخرا ومؤداها احالة القيادات الوظيفية الى التقاعد واحلال غيرهم مكانهم..
فلقد كان يتعين على الحكومة توضيح سياستها الوظيفية الجديدة قبل ان تضرب ضربتها المفاجئة وغير المعهودة.
هل جاء ذلك من منطلق ضخ دماء شابة وجديدة في الجهاز الحكومي المتكلس والمترهل ام من منطلق التخلص من قيادات اكل الدهر عليها وشرب وموظفين اقل رتبة لاخلاء مكانهم حتى يحل محلهم القادمون الجدد والمتربصون على ابواب الوزارات بانتظار الوظيفة المأمولة..؟!!
وفي كل الاحوال نحن مع التجديد.. وتجديد هيكلة الدولة وتجديد جهازها الاداري وتجديد العقلية الادارية المتكلسة وضخ دماء شابة جديدة واعية متسلحة بسلاح العلم وحب العمل والتفاني والاخلاص، كما اننا مع ترحيل المتربصين من قدماء الموظفين الى بيوتهم، فالجهاز الحكومي مترهل وبليد وغير منتج واعداد الموظفين تفوق الحاجة الفعلية للوظيفة، الا ان السؤال المحير والذي يحتاج الى الاجابة والتوضيح من القائمين على التوظيف هو لماذا يتوظف غير الكويتيين في الاجهزة الحكومية؟ بينما هناك آلاف من الشباب الكويتيين العاطلين الذين يقفون على ابواب التوظيف الحكومي، فما حاجة الاجهزة الحكومية لهؤلاء القادمين من بلدانهم حتى يتوظفوا في وظائف عادية يستطيع اي شاب كويتي ان يتولاها خصوصا ان الاصل في الوظائف الحكومية ايلاؤها لأبناء البلد، فهم اوجب وهم اولى وهم احفظ لاسرار الدولة من ذلكم الغرباء الذين ربما يرتبط بعضهم بجهات مخابراتية او يرضخون لخدمة ابناء جلدتهم او لسفاراتهم، وهناك سوابق كثيرة.
والامر الآخر الذي يثير العجب، وخارج سياق المنطق والعقل هو ما يسمى بالتقاعد التشجيعي وهو ان تدفع الحكومة للموظف الذي يقرر التقاعد راتبا كاملا لمدة عام او عامين، وكأن الحكومة بهذا تدفع (خلو رجل) للموظف حتى يتكرم سيادته ويتعطف بترك مكانه ويرضى بالتقاعد وكأن الوظيفة الحكومية ملكية خاصة، لا انها خدمة عامة تنظمها قوانين ولوائح على شاغلها ان يتنحى حين استنفاد الحاجة لخدماته، لذلك ما مبرر ان تدفع الحكومة رواتب مسبقة كي يتقاعد الموظف فذلك لعلها رش او بقشيش وحوافز سخيفة وغبية ما وجد مثلها في العالم، الا لدى حكومتنا الرشيدة جدا.. جدا..!!
فالموظف المحال للتقاعد لا ينقطع رزقه حتى تؤمنه الحكومة بالمال، بل يسري له معاش تقاعدي مجزٍ وامامه فرص الانخراط في القطاع الخاص او اقامة مشروع تجاري.
اكبر الظن ان ما تفعله الحكومة في هذا المجال يعد من قبيل العبث والتفريط في المال العام لا مسوغ له، خصوصا اذا كان الموظف قد تجاوزت خدماته المدة القانونية.. ثم ما هي انجازات هؤلاء العظيمة كي يكافؤوا تلك المكافأة السخية؟!!
حسن علي كرم
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق