لا يحتاج النائب الشاب عن الدائرة الانتخابية الثانية راكان النصف الى تعريف. «فالمعرف لا يعرف»، ويكفينا عنه القول بانه يدخل معترك العمل السياسي من بابه الاوسع. فهو وريث اسرة ارستقراطية وتاريخ حافل بالعمل التجاري والبحري والسياسي، واما في العصر الحديث فقد عُرفت بانها احدى اهم اقطاب المقاولات والانشاءات والصناعات وبناء الجسور، لذلك فعندما يتبنى هذا النائب الارستقراطي القضية الاسكانية على خلاف ما يفترض ان يتبناها نواب الطبقات المتوسطة الذين هم او ابناؤهم وناخبوهم من المشمولين بالازمة الاسكانية وذلك يجعلنا نتساءل: ما حكاية الشاب راكان والقضية الاسكانية..؟!!
هل هو ينتظر البيت الحكومي مع الآلاف المؤلفة للطلبات المتراكمة؟ ام يفعل كما يفعل غيره من منطلق الانتهازية السياسية خصوصاً وانه في اول السلم للصعود السياسي. سيما مع ما تحمله القضية الاسكانية من الاستقطاب الشعبي..؟!
في كل الاحوال. لا يهمنا ما وراء تبني المبادرة السياسية للشاب راكان، بقدر تساؤلنا: ما الجديد الذي يحمله في جعبته في قضية باتت معقدة ومتعاظمة. وكل يوم تزداد تعقيداً وتعاظماً، وقد عجز النواب السابقون عن حلها مثلما عجزت الحكومة بجلال قدرها وعظيم امكانياتها..؟!!
فلئن ننسى. لا ننسى دور النائب التاريخي أحمد السعدون الذي تبنى القضية الاسكانية وظل (يعلج) فيها ومن اجلها او من اجله أنشئت اللجنة الاسكانية البرلمانية وظل رئيساً مدى الحياة عليها. كذلك سبقه النائب غنام الجمهور الذي دخل في عراك واتهامات مع وزير الاسكان حينذاك. بيد انه لا القضية الاسكانية حُلت. ولا اللجان البرلمانية قد افلحت بقدر ما اتخذوا القضية الاسكانية ذريعة للتكسب السياسي على ظهر المواطن الغلبان..!!
لذا.. وبناء على المعطيات السابقة اقول للشاب راكان: كان غيرك أشطر. وأضيف ان القضية الاسكانية ليست قضية نائب أو مؤسسة. انما قضية دولة وسياسة دولة ولن تفلح كل الحلول، الا اذا انتهجت الدولة سياسة جديدة وقرارات شجاعة. ناسفة السياسات البالية التي مازالت نافذة منذ عقود الخمسينات الماضية، فما صلح في تلك الحقبة لا يصلح تطبيقه الآن..!!
لقد كان حبيب جوهر حيات وزير الاسكان الاسبق الوزير الوحيد الذي جرأ بصوته عالياً وقال ان %70 من الطلبات الاسكانية غير مستحقة، لكن الحكومة قالت له «استر على ما وايهت».. فلعل الازمة الاسكانية لا تتحمور حول نقص الاموال او نذرة الاراضي وانما هناك جملة عوامل ساعدت على تعقيد الازمة لذلك فالمطلوب تبني سياسة تساير الواقع الراهن.
ان من التناقضات العجيبة والغريبة عندما نرى ونسمع تكالب الكويتيين على شراء ارضي وعقارات وعمارات وفلل وشقق ومزارع وبساتين في ارجاء المعمورة من شرق الكرة الارضية الى غربها وبأسعار خيالية وبضرائب سنوية وشروط معقدة. لكن يبخلون على ابنائهم هنا توفير المنزل المناسب، ما يضطرهم للوقوف على ابواب وزارة الاسكان انتظاراً للبيت الحكومي (!!!) ما هذا التناقض العجيب الغريب؟! هل مثل هؤلاء يستحقون البيت الحكومي او يعانون الازمة الاسكانية ام المسألة طمع وحسد ومزاحمة للفئات الفقيرة والمحدودة الدخل..؟!!
في كل بلدان العالم تقوم الحكومات هناك بتوفير الرعاية السكنية لمواطنيها المحتاجين بمسمى «ايواء». بمعنى ان الدولة تتكفل ايواء المواطن الذي لا مسكن له. بينما هنا تقوم الحكومة بتمليك البيت للمواطن، وهذا احد الاسباب بل لعله السبب الرئيسي للتزاحم على تقديم الطلبات. لذلك ينبغي تغيير شروط استحقاق المنزل الحكومي، وتحديد تلك الشروط وفقاً للمستوى المعيشي.
ان هناك الكثير من المغالطات الاجتماعية والدستورية التي ينبغي تصحيحها.
حسن علي كرم
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق