كل التقارير المنشورة، ومنها الحديث، مثل تقرير صندوق النقد الدولي، تدق ناقوس الخطر بضرورة الاهتمام بالتعليم والتدريب حتى يكون أكثر توافقا مع احتياجات قطاع العمل، ومنها الدراسة، التي نشرتها جريدة القبس في 2012 ومرت مرور الكرام بلا تعليق، أو حتى نفي لمكونات الدراسة، فقد اشارت الى: مظاهر الأزمة، غياب الرؤية التربوية، فقدان هيبة المعلم، اختلال المناهج، تسييس القطاع التربوي وصراع القوى في الوزارة وتراجع المواد العلمية، عزوف الطلاب عن المثابرة، وظواهر تفشت مثل الغش والدروس الخصوصية.
أما رؤية «بلير» في 2009، نسبة إلى دراسة مجموعة رئيس الوزراء عن الاقتصاد، فأشارت إلى جانب التعليم، وقالت الدراسة بصريح العبارة: إن التعليم في خطر، وإن موضوع تطوير التعليم مسألة «بقاء» (اي حياة أو موت)، ولابد من رفع مستوى التدريس وتحسين مستوى الإدارة والحاجة الماسة للتدريب المهني، ونظام واقعي يراعي توسيع آفاق الطلبة والقاعدة العلمية لديهم.
هذه لمحة مختصرة جدا حول دراسات منشورة اطلعت عليها، وهي موجودة ومختلفة عما بأيدي المسؤولين من دراسات، وهي جميعا متفقة على أن أضلاع مثلث التعليم: «المعلم»، الطالب» والادارة المدرسية العامة في الكويت، أداؤها متواضع، مقارنة بما يصرف عليها من موازنات.
الخطر يكمن في غياب الرؤية الشاملة على مستوى الدولة، وهو خطر ليس فقط في التعليم، ولا يوجد ربط للتعليم مع سوق العمل، ولا أهداف واضحة لخلق روح المواظبة والتنافسية وعدم اعتبار «التدريس» مهنة جليلة، ولكنها وظيفة للمعيشة؟! أما «الطالب» فأصبح يعتمد الغش والدروس الخصوصية وانتشار العنف ومشاكل الإدمان وعدم الشعور بقيمة التعليم وإدراكه لمكانته وثقته بنفسه وبأهميته للمجتمع.
إما الادارة العامة في وزارة التربية تحديدا، فيكفي أن الصراعات بلغت مداها وأصبحت مناطق ومراكز قوى ونفوذ طائفي وقبلي، وتضارب بين التيارات، وهو خطر تسييس التعليم، وهكذا فإن التعليم وملفه وفقا لجميع الدراسات التي صرفت عليها الملايين يتطلب قرارات حازمة، وتمشي وفقا لمسارات واضحة ولا تخضع لأهواء وزير أو مسؤول أو قوى متنفذة، ولكنها تخضع لنظام تقويم وقياس لمؤشرات دولية تفيدنا بانطلاق إصلاح تعليمي شامل يجعل مؤشر مسار التعليم إيجابيا، ويبعدنا عن حالة الخطر.
د. محمد عبدالله العبدالجادر
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق