إبراهيم العوضي: ما ذنب المشاهد

مجالات عديدة تعاني من الاهمال والتدهور وسوء الادارة والتخطيط، لم يقتصر الحال على الوضع السياسي ومقومات الحياة الأساسية كالصحة والتعليم والسكن فحسب، بل شمل ذلك قطاعات أخرى كالتنمية والنظام الاجتماعي والرياضة وغيرها وحتى كذلك في مجال الفن! الأدهى والأمر أن التخبط ما زال مستمرا، فلم نشهد حتى يومنا هذا بارقة أمل لنعود كما كنا ونواكب من حولنا بعد أن تخطونا بمراحل. ولأن الرياضة تعتبر من أهم مقومات المجتمعات المتقدمة، فان ما يمر به هذا القطاع في وقتنا الحاضر يندى له الجبين.
سأتحدث عن اتحاد كرة القدم بعيدا عن شرعية الاتحاد وخلافاته الظاهرة والباطنة ومن هو على الحق ومن على الباطل، واذا ما أبعدنا كذلك كلاً من أقطاب الصراع الرياضي الأزلي الشيخ طلال الفهد ورئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، واذا ما تجنبنا الخلاف حول عدد أعضاء الاتحاد ونظامه الأساسي والتهديد السابق بوقف النشاط الرياضي بسبب توقف الدعم الحكومي وغيرها من المشاكل التي لا تعد ولا تحصى، الا أننا اليوم أمام مشكلة بسيطة أخذت بالتطور التدريجي لتصبح أكثر صعوبة، مما جعل طرق حلها أكثر تعقيدا، وهي مشكلة النقل التلفزيوني لمباريات كرة القدم.
قد يجد القارئ أن هذا الموضوع لا يعني شيئا لدى البعض، الا أننا يجب ألا نغفل أن هناك نسبة لا بأس بها من متابعي مباريات الدوري المحلي وأن عدم نقل تلك المباريات قد يتسبب في خلق حالة من عدم الرضا لدى الشارع الرياضي بسبب حرمانهم من متابعة فرقهم المفضلة، هذا بالاضافة الى ما يمكن أن يكون لذلك من انعكاس سلبي على اداء اللاعبين وروحهم وفي تطور مستواهم وبالتالي التأثير عليهم لدى تمثيلهم للمنتخبات الوطنية.
وبعد مرور خمس جولات من مباريات الدوري دون أن ينقل ودون أن يكون هناك أمل لذلك، على الأقل حتى ساعة كتابة هذا المقال، فان الوضع الرياضي لا يحتاج لمزيد من الانتكاسات والاحباطات. عانينا كثيرا من مشاكل الايقاف الدولي والتهديد به ومللنا من الصراعات السياسية ومن التزاحم على الكراسي، تعبنا من سوء المنشآت الرياضية ومن ضعف الدعم للرياضي الكويتي، هرمنا من الوعود ومن قلة الاهتمام، فلماذا يُحمل الرياضيون أكثر من ذلك؟
وحتى لا أشكك بأحد، فأنا لا أدعي أن الاتحاد يسعى لخلق المشاكل وأنه متعمد ومستفيد من عدم نقل المباريات، فالظاهر أن الاتحاد كمنظومة، حتى لا يزعل البعض، حاول أن يزيد من مصادر دخله من خلال بيع حقوق النقل التلفزيوني لمباريات الدوري الكويتي، وهو أمر مشروع، الا أنه فشل في التوصل الى اتفاق مع أي محطة تلفزيونية. وقد يرجع ذلك لأسباب متعددة منها عدم وجود منافسة حقيقية لنقل مباريات الدوري المحلي بسبب ضعف المستوى، بالاضافة الى عدم قدرة القنوات الخاصة المحلية على منافسة تلفزيون الكويت نظرا لعدم توفر الأجهزة المناسبة كسيارات النقل وكاميرات التصوير وغيرها بما يضاهي قدرة وامكانات تلفزيون الكويت، وكذلك ضيق الوقت في التفاوض على نقل المباريات ما أضعف موقف الاتحاد، وغيرها من الأسباب التي لا نعلمها!
اتحاد الكرة مطالب اليوم بأن يراجع موقفه ويعيد حساباته وأن يتنازل قليلا لمصلحة المشاهد لمباريات الدوري، خصوصا لكبار السن والنساء والأطفال ممن يتابعون الدوري المحلي. لا أدعي أن الاتحاد قد فشل، فبيع حقوق النقل التلفزيوني متبع لدى أغلب الاتحادات الرياضية وهي وسيلة من الوسائل المشروعة لتحقيق عوائد مالية مناسبة لتلك الاتحادات، لكن كل ما يحتاجه الاتحاد هو التخطيط المبكر لهذا الأمر وليكن ذلك منذ اليوم للموسم المقبل!

إبراهيم أديب العوضي
boadeeb@yahoo.com
المصدر جريدة الراي

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.