ابراهيم العوضي
شهدت الكويت شللا تاما أصاب المنافذ الحدودية جراء اعتصام وإضراب موظفي الجمارك بتشجيع ومباركة من الاتحاد العام لعمال الكويت ليستمر معه مسلسل الإضرابات الذي يأبى قطاره التوقف لطالما وجد حكومة متخبطه بقراءتها للواقع، جل قرارتها ردة فعل على أحداث عجزت هي عن معالجتها. ولعل إضراب موظفي الخطوط الكويتية والجمارك هو في واقع الأمر تفاعل واقعي لحكومات متتالية لا يعرف التعامل معها إلا من خلال ( تحمير العين ). فما يحدث اليوم هو نتاج طبيعي لتكاسل الحكومات المتتالية وعجزها عن تحقيق طموحات وتطلعات المواطن الكويتي وتلبية حاجاته المعيشية، ولو قامت الحكومة بإنشاء مستشفيات جديدة تقدم خدمات صحية راقية ومتطورة واجتهدت في تنفيذ المدن السكانية الحديثة فقللت بذلك من مدة انتظار المواطن للحصول على مسكن العمر وطورت كذلك من مناهج التربية وأنشأت الجامعات المتخصصة ومنعت احتكار التجار للسلع وسمحت بالمنافسة بينهم لكبح جماح ارتفاع الأسعار وتبنت كذلك مشاريع تنموية وترفيهية ذات مردود اقتصادي جيد تغني من خلاله المواطن عن السفر للسياحة في الخارج وغيرها من نواقص الحياة التي نعانيها لما وصلت المطالبات إلى هذا الوضع.
لقد أثبتت الحكومة عجزها التام في مواجهة قضية الزيادات والكوادر، ولعل ذلك مبعثه عدم وجود سلم واضح للرواتب والزيادات وكذلك عدم وجود دراسات وخطط مبنية على أساس معدلات التضخم وقياس مستوى غلاء المعيشة وربط معدل دخل الفرد باجمالي الناتج القومي، وكذلك إنتاجية الموظف وغيرها من الأمور واستمرار الوضع الحالي مع عدم وجود منهجية واضحة لآلية الزيادات، يعني بجميع الأحوال استمرار المطالبات المتتالية من قبل جميع القطاعات والمؤسسات والهيئات حتى نصل إلى مرحلة تستهلك فيه كل قوى الدولة المالية. كما أن استمرار النهج الحكومي الذي يقوم على أساس مساواة الموظفين وعدم تمييز الموظف المجتهد وتقديره من خلال المكافآت والزيادات قد ساهم في قتل روح الإبداع والاخلاص في العمل، فأصبح بذلك من يجتهد بعمله ويخلص بإنجاز مهامه ويلتزم بأوقات الدوام الرسمية ويثابر على تطوير قدراته الوظيفية كمن أهمل وتكاسل في أداء واجباته وتغيب عن مقر عمله، ومن هنا ينطلق التساؤل المهم وهو كيف يمكن لهذا الموظف الحكومي ان يجتهد في عمله في ظل هكذا بيئة؟
من ناحية أخرى، فالجميع متفق بأنه لا خلاف على مشروعية الإضراب وأن حق الموظف في التعبير عن مطالبه هو أمر مكفول وفقا للأعراف والمواثيق الدولية إلا أن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال بأن يتم تعطيل مصالح الناس وشوؤنهم والضرر بأعمالهم، حيث ان إضراب موظفي الجمارك قد ساهم في تحقيق ضرر واسع على الصالح العام وتعطيل مرافق حكومية حيوية ومهمة نتج عن ذلك إهدار للأموال العامة متناسين بذلك المادة 26 من الدستور والتي تنص على أن (الوظائف العامة خدمة وطنية تناط بالقائمين بها، ويستهدف موظفو الدولة في أداء وظائفهم المصلحة العامة).
كما اننا نستغرب ردة الفعل العنيفة لنواب الغالبية من سعي الحكومة إلى اللجوء إلى بعض الجهات الحكومية كالدفاع والجيش لسد نقص الجمركيين في المنافذ ووصلوا حتى إلى تهديدهم باستجواب وزير الدفاع إن قام بهذا الفعل، ولا نعلم هنا ما هي مصلحتهم في تعطيل هذه المرافق الحيوية وتكبد نتيجة لذلك مزيدا من الخسائر بسبب تعطل المعاملات اليومية، ولا اجد في تفسير ذلك إلا سببين وهو إما أنهم يسعون إلى تحقيق مصالح انتخابية رخيصة أو أن مقاييس القانون والعدالة والمصلحة العامة التي لديهم ليس لدى البقية!!!
Email: boadeeb@yahoo.com
Twitter: @ibrahimAalawad
المصدر جريدة الراي
قم بكتابة اول تعليق