الراصد للصحافة الكويتية يلاحظ تراجعها عن دورها القديم والمؤثر. وفي حين يعيد البعض هذا التراجع إلى صدمة الغزو وانكفاء القارئ الكويتي على محليته، أرجع أنا السبب إلى اختفاء القارئ الجاد والصارم، الباحث عن الصحافة المنوعة والغنية والحقيقية، بعد أن أمسى الحضور الطاغي للقارئ الراكض خلف السياسة بمعناها الساذج والسائد في بلادنا.
غابت الجدية والصرامة والنضج والبحث عن المعرفة أو الدهشة أو الجودة لدى الجمهور الكويتي وصار الجمهور الباهت هو الغالب في كل مسرح، وكل معرض، وكل مقعد، وحول الشاشات والإذاعات. مثلما غاب التفاعل الخلاق مع النص الشعري، أو العمل الفني، أو المقال الغني، كما غابت المعارك الفكرية والأدبية عن الصحافة الكويتية.
للتأكد من حقيقة هذا الخدر الجماهيري الكويتي يمكن رصد مواقع التواصل الاجتماعي في الإنترنت حيث يتفاعل جمهور الكاتب المصري أو العراقي أو الفلسطيني أو السوري مع ما يكتبه الكتاب من بلادهم في الفيسبوك أو تويتر مقابل غياب التفاعل الكويتي المنشغل حصرا بمتابعة «خارج السور وداخل السور»، فمن أين يتولد للبلاد شعراء أو كتاب أو فنانون جدد في حضرة جمهور غائب؟
أحكي عن بلاد أنجبت في المسرح صقر الرشود، وفي الصحافة صالح الشايجي وفي الشعر سعاد الصباح، وفي الرواية اسماعيل فهد اسماعيل، وفي المقال الساخر سليمان الفهد، وفي الشعر الشعبي حمود البغيلي، وفي الموسيقى مرزوق المرزوق. وقد حدث كل ذلك العطاء الجميل عندما كان الجمهور يرفع مسطرة التمامية والنضج والصرامة والتفاعل الحي.
www.salahsayer.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق