أزدادُ يقيناً يوماً بعد يوم بأن احد اسباب بل اكبر اسباب تخلُّف الكويت وتوقف نموها الاقتصادي والتنموي والثقافي، وتسيد الفوضى والواسطات والشللية والقبلية والطائفية والحزبية والعنصرية.. الخ، هو وجود مجلس امة غير معد سياسياً وغير فاهم لدوره الدستوري.
تدخلات بعض النواب في الكثير من الامور الصغيرة والكبيرة التي قد لا تدخل في سياق العمل الرقابي والتشريعي والتعدي على سلطات واختصاصات الحكومة والخلط بين ما هو مرفوض وما يمكن التغاضي عنه وبين ما هو ديني ولا ديني وبين ما هو اجتماعي اعتاد على ممارسته الجمهور وبين العرف واللاعرف.. وبين مجتمع منفتح ومجتمع منغلق وبين احترام الرغبات والحريات الشخصية اذا كانت في حدود القانون والاعراف والسياقات الاجتماعية، كل ذلك كان سبباً كافياً لشلل وتوقف نمو البلد وتراجعه عن الركبان..!!
فعندما يطالب بعض النواب الذين في شهرهم الاول سياسياً ولم يتعلموا «الف باء العمل البرلماني» بغلق المقاهي المختلطة وفصل الرجال عن النساء والمطاعم المختلطة وفصل الموز عن التفاح والخيار عن الطماط، هؤلاء اذن نواب لا يعرفون وين الله حاطهم..!!
فمجتمعنا طوال عمره مجتمع منفتح والمرأة كانت تذهب الى الاسواق وتشتري وتبيع ولم يحدث او سمعنا عما يمس الشرف او يجرح العفاف.
فماذا حدث حتى يأتينا نواب اول شهر سياسة ونواب تحت التدريب للمطالبة بغلق المقاهي المختلطة وفصل الرجال عن النساء؟! فلم يبق الا ان يطالبوا بأسواق للنساء واخرى للرجال او تخصيص ايام للنساء وايام للرجال..!!
فإذا حدث تصرف خارج السياق الأخلاقي او القانوني من بعض الشبيبة المراهقة فذلك لا يصح تعميمه على الجميع، كذلك لا يجوز غلق المقاهي وقطع ارزاق الناس لمجرد تصرف فردي، فكل امرئ يؤخذ على جريرته.
كلما تأملنا خيرا وتفاءلنا بيومنا ان يكون افضل من امسنا وجدنا انفسنا حالمين، وأن امسنا البئيس كان افضل من يومناً واكثر تسامحاً وأن غدنا على سياق العقليات المتخلفة وتدخلها في امور لا تعنيها واصرارها على جر البلد الى الوراء فسيكون أسوأ واكثر ظلمة وظلاماً كظلمة الكهوف والقبور..!!
انا لا اعول كثيراً على الحكومة الرشيدة (جداً) ولا على اجهزتها التنفيذية للتصدي لهؤلاء وتدخلاتهم في ما لا يعنيهم، بقدر املنا بوعي المجتمع، وتصديه لتلك التدخلات الفجة.
فإذا نجحوا في غلق المقاهي فقد يتمادون لمطالبات اكبر.. اما يكفي فصل البنين عن البنات في الجامعات..؟!!
ان هؤلاء ظلاميون ذوو عقلية اعتادت الانغلاق والعزلة ولا يصح ان يفرضوا ثقافتهم على مجتمع ودودٍ متسامح اعتاد الانفتاح وحب الحياة.
حسن علي كرم
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق