عزيزة المفرج: صباح الحلويات

حكي أن بعض الملوك أحضرت له حلوى مشهورة فقال: أيكون في هذه البلاد من لا يعرف هذه الحلوى؟
قالوا كثير من لا يسمع بها فضلا عمن لا يعرفها.
قال: فأحضروا من لا يعرفها.
فجاءوا بأعرابي فأطعموه منها وسألوه: أتعرف ما هذا؟
قال: نعم. هو إما الحمام أو الفجل.
قالوا وكيف عرفت هذا؟
قال: دخل أبي هذه البلاد قبلي بعشرين سنة، ولما رجع الى البادية، سألناه عن أحسن ما رآه في الحضر، فقال شيئان الفجل والحمام.
وحال هذا الاعرابي ينطبق عليه المثل القائل ناس تأكل دجاج وناس توقع بالسياج، وان كان هذا الأمر ينطبق على شعوب كثير من الدول العربية، فجدير بالله ان نحمده، أننا جميعا في الكويت نأكل الدجاج، وبكثرة، ومن صعب عليه شراء الدجاج من حر ماله، وجد في عطاء أهل الخير والكرم ما يملأ بطنه، وبطن عياله منها. أما عن الحلوى أو الحلويات فحدث ولا حرج، وبعد ان كانت أنواعها في طفولتنا لا تتعدى اللقيمات وصب القفشة والمحلبية والجيلي والحلوى والرهش وقرص العقيلي، وأكثرها لا نراه الا في شهر رمضان، تغيرت الأحوال، وصارت لا تغيب عن موائدنا أبدا، ولا تتيح لنا فرصة افتقادها والشوق اليها، أو التلمظ بشيرتها وحلاوتها. علاوة على ذلك، صارت الحلويات عندنا أشكالا وألوانا، فتعدّدت أصنافها وأنواعها، وتنوّعت أشكالها وألوانها، وكثرت محال صنعها وبيعها، واختلف طعمها ونكهاتها، وأصبح البحث عن جديدها مستمراً ودائماً لا يتوقف، وأصبحت ضيافة ضرورية، لا يستغنى عنها في الحفلات، دع عنك طلبها من المحلات الشهيرة خارج البلاد. من ناحية أخرى، صار التنافس بين باعتها على من يرفع السعر أكثر واضحاً ومستمراً، حتى وصل الى حد الفحش والمبالغة، وطالما وجد من لديه الاستعداد للدفع، فلا مبرر عند البائع لأن يكتفي بسعر معقول لبضاعته، والخاملة رزقها على القطاوة، كما اعتدنا ان نقول. المهم، نحن الآن في عيد الأضحى المبارك، وسوق الحلويات مزدهر الى أقصى حد، ولا يلام أحد ان حرص على توفيرها على مائدته، فما أحلى طعمها في الفم، وما أجمل تأثيرها على النفسية، ويكفي أنها من الأطعمة التي تبعث على رفع هرمون السعادة في الجسم، على عكس الأطعمة الماصخة والباصجة وثقيلة الدم التي تثير في النفس الحزن والكآبة، وتشعر الفرد بأن ما يأكله ليس أكثر من قراطيس. تمنياتنا للجميع بحلويات شهية، وعليكم بالعافية، وأهل السكّر يخلّون بالهم.

عزيزة المفرج
almufarej@alwatan.com.kw
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.