صلاح الساير: زمن الفضايح

قبل أعوام استكتبتني مجلة عربية تصدر في لندن، فكتبت لهم عن عصر الافتضاح، وأقصد عصرنا الحالي، حيث لا أسرار للناس والجميع أصبحوا مكشوفين أمام الآخرين.
فسكرتيرة الطبيب تعرف أمراضك، والمحامي يعرف مشاكلك الزوجية، ومدير المصرف يعرف رصيدك، وجيرانك الذين تصادفهم عند (كاشير) السوق المركزي يعرفون نوعية طعامك واسم معجون الأسنان المفضل لديك.

هذا ما كتبته قبل أعوام، ولم يدر في خلدي أن التطورات تجري حثيثة سريعة، وفي كل يوم تزيد رقعة الافتضاح حتى بلغنا الوقت الراهن وأصبح الآخرون يعرفون عنك كل شيء.

يصادفك أحد في السوق فيصورك خلسة وينشر صورتك في «الانستغرام» تذهب إلى مطعم لوجبة العشاء وتصور أنت طاولة الطعام وتنشر في الـ «فيسبوك»، تسمع أغنية في مذياع السيارة وتود أن يشاركك الآخرون لحظات الطرب فتنشر رابط الأغنية في «تويتر».

أصبح الجميع يعرف ذائقة الجميع وهواياتهم والأماكن التي يعشقون زيارتها أثناء أسفارهم، ومطربهم المفضل، وحالتهم المزاجية، وتاريخ ذكرى ميلادهم، ومتى كتبوا رسالة آخر مرة على «الواتساب» وأضحت الهواتف الذكية تحدد أماكن تواجدنا داخل وخارج البلاد، وفي أي شارع وفي أي مقهى نحتسي القهوة وفي أي فندق نقيم.

«ما عادت الآبار تخفي الأسرار» حسب المثل الشائع.
www.salahsayer.com
المصدر جريدة الانباء

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.