خليل حيدر: محاميات.. من الكويت

المحامون جزء لا يتجزأ من الحياة الاجتماعية والسياسية في معظم دول العالم، من الكويت، الى اوروبا وامريكا.. وكل مكان ولا أعرف عدد المحامين في الكويت، او نصيب كل الف مواطن من ممارسي هذه المهنة الرفيعة، ولكن ما هو معروف ان دول العالم تتفاوت في مدى اعتماد الناس فيها على المحامين لحل قضاياهم وخلافاتهم. وتعد «الاورجواي» الاولى في هذا المجال، فنجد ما نسبته 4.17 لكل الف مواطن، ثم الولايات المتحدة حيث نجد 3.65 محام لكل الف امريكي، ثم كوستاريكا وكولومبيا والارجنتين. ونصيب الايطاليين 2.33 محام لكل الف والمكسيك 1.82..الخ. ما يلفت النظر في هذه الاحصائيات العائدة الى عام 2000 تقريبا، ان كل 4 آلاف هندي كانوا بحاجة الى محام واحد، واليابان والصين اكثر من ذلك بكثير. وفي موقع للانترنت عن عام 2005، كان ثمة محام لكل 265 امريكيا، مقابل محام لكل 8195 يابانيا، و2461 فرنسيا. وكان عدد المحامين في الولايات المتحدة عام 2007 اقل من مليون ومائة وخمسين الفاً، لشعب يبلغ تعداده نحو 300 مليون نسمة وهو تقريبا نفس عدد المحامين في الهند التي يسكنها اضعاف عدد السكان في الولايات المتحدة. ومن بين احصائيات المحامين ان لكل مائة الف من سكان مصر ما بين 549 – 756 محامياً، والاردن 117 من المحامين.
تتضارب مشاعر الامريكان تجاه المحامين. فالامريكي عادة لا يستطيع ان يعيش او حتى يموت دون استشارة محاميه! وفي الكتب الامريكية التي تجمع الاقوال والامثال نرى طرائف من قبيل ان «المحامي هو الشخص الوحيد الذي يثري عن طريق خوض معارك الآخرين». و«الممارسة لا تنضج المحامي بالضرورة، ولكن فترة معقولة منها قد تجعله ثريا»، و«القانون يحمي كل قادر على توكيل محام جيد عن قضيته»، واخيرا «ان لم تهتد الى محام جيد يعرف القوانين، فعليك بمحام يعرف القضاة».
دراسة القانون في الولايات المتحدة والتأهل لمهنة المحاماة عملية مكلفة طويلة عسيرة، تغرق الكثير من الطلاب والطالبات الفقراء ومتوسطي الحال بديون تعيش معهم طويلا بعد التخرج. ولا تضمن الحياة الاقتصادية وتقلباتها رفاهاً دائماً للمستشارين القانونيين هناك حتى بعد التخرج. ففي عام 2009، استغنت الشركات القانونية الامريكية عن ما يزيد على 4600 موظف.
وجاء في تقرير نشرته الشرق الاوسط، 2010/1/21، ان مهنة المحاماة تمر في نيويورك بأسوأ فترات الركود منذ عقود مع خفض الوظائف والمكافآت، وبات المحامون في الشركات القانونية يشعرون بأنهم «لا يتجهون الى القاع فحسب، بل انهم يغرقون». ووصفت محامية الحياة في شركات المحاماة الكبرى بأنها «عذاب أبدي» ولكنها أضافت، «أنا سعيدة رغم الانخفاض في راتبي. فعلى الرغم من رغبتي في ترك الشركة، فإنه لا توجد أعمال. فالشركات الكبرى ابوابها مزدحمة بالباحثين عن العمل». تبدل الاحوال في مهنة المحاماة، يقول التقرير، لم يقتصر على مجرد انخفاض الدخول، بل تعداه الى اعادة صياغة ثقافة الشركات القانونية. «فالمكانة العالية والاعتداد بالنفس لكونك محامياً تعرضت الى هزة كبيرة ولم تعد كما كانت، فمن قبل كان بمقدور المحامين ان يقولوا لأنفسهم انهم سادة الكون مثل المصرفيين الاستثماريين».
ما حجم القضايا القانونية الاخرى في الولايات المتحدة كالجريمة ومنازعات الملكية، أو قضايا الطلاق مثلا، حيث اشتهر المجتمع الامريكي بهذه الاخيرة خاصة، لاسباب قد تبدو لنا غريبة أو تافهة؟ هذا بحث قد يطول، ولكن ربما آن الاوان لان يسأل كل امريكي نفسه، لماذا يحتاج مجتمعه الى مليون ونصف مليون محام، لعدد من السكان يزيد قليلا عن 300 مليون نسمة، بينما لا يزيد عدد المحامين في اليابان، وسكانها اقل من نصف سكان الولايات المتحدة، على 31 الف محام.. فقط؟! وفي الكويت، حيث بات اللجوء الى المحامين والقضاء ظاهرة اجتماعية، ادارية، ثقافية، سياسية واسعة الانتشار تساءلت الصحف: هل فقدت المحاماة هيبتها؟
«للأسف الشديد»، كتبت القبس يوم 2010/1/4 تقول، «فإن اصحاب مهنة المحاماة، وهم رجال القانون الذين يفترض فيهم ان يكونوا أكثر حرصا ودراية، اصبح البعض منهم بمنأى عن مبادئ المهنة الاساسية وهي ان تكون مهنة انسانية قبل ان تكون تجارية. طرأت على الساحة القانونية ظاهرة غريبة اجتاحت مكاتب المحاماة وهي تأجير المكاتب لمستشارين من غير المواطنين يتصرفون فيها كما يشاؤون»، او «الاعتماد الكلي في اعداد المذكرات على المستشار القانوني التابع لمكتب المحامي، ويكتفي بعض المحامين بمقابلة الموكلين واعطائهم وعودا وهمية بأن القضية رابحة بنسبة %100.
أغلب المحامين الكويتيين، يقول المحامي فيصل السبيعي، «لا يكتبون مذكراتهم القانونية، فمن أين تأتي الثقافة القانونية؟ «نعم، بعض المحامين لا يملكون الثقافة القانونية. هناك أشخاص يقومون بتأجير مكاتبهم ولا تجد المحامي الأصيل داخل المكتب».
وأضاف قائلا «الوضع الحالي للمهنة يركز على أن تكون تجارية، حيث أدى ذلك إلى ضياع حقوق الناس، ودخول بعض المتهمين السجون، وذلك بسبب عدم الاهتمام الكافي بالموكلين».
المحامي محمد الخالدي أكد خطورة الوضع وقال «إن لم نجد الحل الفوري للفوضى التي تحدث في مهنة المحامين، فسنكون أمام أمر خطير ومهزلة عارمة. البعض لا يعي أن الموكِّل عندما يقدم إلى المحامي ليطلب توكيله فإنه سلْم رقبته، وأصبحت حياته وحريته بيد هذا المحامي».
ونبه المحامي نجيب الوقيان إلى متاعب المهنة وجديتها: «المحاماة مهنة شاقة جداً، وتحتاج منك منذ فجر الصباح قراءة وحضور محاكم واستقبال موكلين وقراءة مراجع قانونية وأحدث القوانين وأحكام التمييز الصادرة حديثاًَ». ولكن مع الأسف، أضاف قائلاً، فـ«الكثير من المحامين يستسهل المهنة، وأنها تعتبر من المهن الحرة، وبالتالي ليس من المفروض عليه أن تؤخذ بصمته في الصباح وفي الخروج من الدوام في المؤسسات الحكومية، يحضر متى شاء ويغادر متى شاء».
واشتكى رئيس جمعية المحامين عمر العيسى من نواحي القصور في قانون ممارسة المهنة، فهو «قاصر ويجب تعديله فوراً وهو ما طالبنا به مرارا وتكرارا». وأشار المحامي وسمي الوسمي، في مقابلة بصحيفة «الجريدة»، 2010/10/3، إلى مشاكل المهنة فقال: «إننا نعاني أموراً كثيرة ومن جهات مختلفة كالنيابة والتحقيقات، ونحتاج إلى حصانة كاملة أثناء اداء العمل». وقال إن المحامي من جانب آخر، قد لا يُسلم حتى أتعابه! «اليوم نحتاج إلى تشريع واضح من أجل حماية العقد». واشتكى المحامي عبدالعزيز العفيصان من أن «أوضاع المحامين وصلت إلى مراحل مزرية لا يمكن السكوت عنها».
وتجابه المرأة المحامية في الكويت تحديات مهنية واجتماعية كبيرة وفي سلسلة لقاءات أشرفت عليها الزميلة «هدى منتصر» في صحيفة «الوطن الكويتية»، تحدثت بعض المحاميات الكويتيات عن هذه المصاعب، وكذلك اختلاف المحامي.. عن المحامية.
تقول المحامية حصة العبيد عن هذا الاختلاف: «إنني أجد من يثق في المحامية في قضايا الأحوال الشخصية أكثر، بينما ثقته تنحصر في المحامي الرجل في القضايا الأخرى مثل الجنايات، وخاصة القضايا السياسية، فمثلاً لم أجد أحداً من نواب مجلس الأمة السابقين من كانت ولا تزال عليهم تهم سياسية، قد وكلّ محامية للترافع عنه في قضاياه، على الرغم من متابعتي وكثير من زميلاتي للأحداث، ولم يختلف دفاع وكيل أي متهم منهم عن طريقتنا في الدفاع لو كنا مكانه. ولكن باعتقادي أن سبب غياب العنصر النسائي من المحاميات في القضايا السياسية هو نظرة المتهمين إليها على أنها قضايا قد تصعب على المرأة، والواقع غير ذلك طبعا» [2013/6/26]. وأقرت محامية الدولة في الفتوى والتشريع نجلاء النقي بأن «للأسف بعض الناس يفضلون المحامي الرجل على المحامية المرأة، ولكن هذه العقلية بدأت تتلاشى وهي مسألة وقت فقط. نحن لا نستطيع أن نجبر مجتمعنا على شيء ما مرة واحدة، وهذا شيء طبيعي». وأضافت قائلة: «المرأة الكويتية تستطيع أن تحضر التحقيق وتدخل المخافر وهذا أمر طبيعي، وأنا كنت أذهب إلى المخافر وأحضر تحقيقات النيابة قبل 23 سنة.. زمان كانت المرأة تعتمد اعتمادا كبيرا على الرجل والآن علينا أن نغير المفهوم. المحاماة حالها كحال أي مهنة في الكويت والمرأة قادرة على القيام بأي وظيفة، ما دامت لا تتعارض مع مبادئ المجتمع وديننا الإسلامي».
المحامية «عذراء الرفاعي» قالت إن عدد النساء في بداية مشوارها المهني كان قليلاً جداً، كما أن كثيرا من زميلاتها، بعد أن تدربن ومارسن المهنة لبعض الوقت «قد تركن المهنة وذهبن للعمل الوظيفي الحكومي بسبب مشقة العمل» وترى المحامية أن هذه المهنة في الواقع «شاقة ومتعبة لكثرة ضغوط العمل» [2013/6/27]، وتحدثت في المكان نفسه المحامية «رشا المديرس» فقالت «إن المحاماة تقدمن المهن الشاقة ولاسيما على المرأة وأكثر ما يشق على المرأة في هذه المهنة اختلاف طبائع الناس. البعض منهم يلوم بشدة المحامية إذا ما صدر حكم ليس في صالحه. المحامية تحتاج إلى مجهود مضاعف لتفرض احترام الجميع لها من خلال أخلاقها الكريمة أولا ومن خلال تمكنها من المهنة».
واستنكرت أن يكون سلاح المحامية «الصوت العالي والجرأة» كما يعتقد البعض.
وأضافت المديرس أن أكثر موكليها من الرجال رغم أنهم الأقل ثقة في المحاميات، في حين تشعر المرأة بارتياح نفسي في التعامل مع المحامية.
على الصعيد الاجتماعي، تعاني المحامية من مشكلة معروفة، «حيث إن أول مأخذ على المرأة المحامية أنها مهنة اختلاط». وعن علاقة أي محامية بزوجها قالت «المرأة في أي مجال تحتاج من شريك حياتها تفهم طبيعة العمل، دعم الزوج لزوجته وتفهمه لعملها يجعلها ناجحة في جميع مجالات الحياة». وعن أصعب القضايا التي واجهتها المحامية رشا المديرس قالت إنها قضايا الرأي العام إذ «تكون الأكثر حساسية لدى المحامي وتصيبه بتوتر وترقب». وهناك البعض الذي لا يلجأ إلى المحامين إلا بعد فترة طويلة من بدء القضية، «وربما بعد ما حاول الموكل بنفسه حلها دون الرجوع إلى محام».
وما أشبه الموكل في هذه الحالة بالمريض الذي لا يراجع الطبيب إلا بعد تقدم المرض.. وظهور مضاعفاته.
تحدث في ملف المرأة الكويتية والمحاماة كذلك بعض المحامين الرجال. المحامي عادل عبدالهادي أشار إلى دور المحاميات الكويتيات الرائدات التي استطاعت كسر الاحتكار الرجالي وإثبات ذاتهن، «أمثال مريم معرفي وعزة توفيق إبراهيم وهند الشيخ وسارة الدعيج وندى الأثري وكوثر الجوعان». فالكثيرون آنذاك كانوا يعتبرون المرأة المحامية في مجال لا يناسبها ويفضلون التعامل مع الرجل. كما أن «بعض المحاميات اشتكين من استهانة واستهزاء بعض العاملين بالقضاء والجهات الرسمية بهن، فضلاً عن توزيع محاكم الكويت على خمس محافظات تتطلب انتقال المحاميات اليها، كما تواجه المحاميات مشكلة تتعلق بالذهاب الى المخافر ليلا اثناء حدوث تحقيقات وعدم وجود حصانة لهن امام اي من الجهات الرسمية، مما يجعلهن عرضة للاعتداء بالسب او القذف او حتى التحرش».
واشاد المحامي عبدالهادي بالمرأة المحامية الكويتية رغم كل العقبات، فهن يقمن «بعمل ضروري ومهم جدا، والحاجة متزايدة لعمل الكثيرات منهن»، واضاف ان البعض يؤكد على دورهن في قضايا الاحوال الشخصية وما فيها من امور شخصية نسائية قد ترفض بعض المتقاضيات شرحها لمحام رجل، واردف، «البعض ممن تعاملوا مع المحاميات يرون انهن تفوقن على الرجل المحامي في كثير من الاحيان وذلك لما يتمتعن به من سرعة بديهة وحدس وتركيز بل والاطلاع على بواطن الامور من المتقاضيات».
ورغم المشاكل التي تعترض اداء المحاميات لمهنتهن فإن اقبال الفتيات يتزايد على هذا التخصص في الجامعة، وعدد المبتعثات لدراسة القانون يفوق عدد الذكور، كما ان قوائم المقبولات بالادارة العامة للتحقيقات من خريجات كلية الحقوق هذا العام 2013 قد فاق بكثير عدد الذكور». [2013/6/24].
وهذا ما يؤكده المحامي الكويتي علي الرشيدي، ويرى ان المحامية الكويتية «اثبتت جدارتها في اكثر من مكان، بل رأيناها تتعامل مع قضايا كثيرة بحرفية كبيرة»، ولكن ثمة مصاعب كبيرة لا يسهل التغلب عليها بالنسبة للمرأة، بسبب بعض الضوابط الاجتماعية، خاصة ان «بعض الاخوات اقتحمن المجال الجنائي ولم يقفن على المجال المدني او التجاري او الاحوال الشخصية، والمجال الجنائي يتطلب من المحامي ان يكون حاضرا بالتحقيق مع المتهم في وقت متأخر من الليل او ينتقل الى موقع جريمة، وهذه كلها قد تؤثر في المرأة وفي حياتها الاجتماعية» واضاف المحامي علي الرشيدي ان بعض المحاميات نجحن في تكييف حياتهن مع هذا الوضع، «ووجدنا بعض المحاميات توقفن في نصف مسيرتهن المهنية، لانهن شعرن بالتغيير في الحياة الشخصية».
ويلاحظ المحامي علي الرشيدي ان المجتمع بدأ بالتغير لصالح المحاميات! يقول: «في الماضي كان لدينا اخواتنا المحاميات حينما يعقدن النية على الزواج يسلمن علينا ويودعننا لانهن سوف يعتزلن المهنة، ويبحثن عن مهنة اخرى سواء كانت جهة حكومية او ما شابه لان الزوج غير موافق، وهناك من تدرس المهنة وحينما تتخرج يرفض اهلها مزاولة تلك المهنة كون بها مشقة، ولكن اليوم الوضع مختلف».
ماذا عن الزواج من محامية؟ هل صحيح ما يقال عن عزوف الشباب عن الزواج من المرأة المحامية؟
اجاب الرشيدي «في السابق فعلا كان الشباب يعتقدون هذا الامر وكان اعتقادهم فيه شيء من الصواب، لان الثقافة القانونية لم تكن منتشرة، ولكن اليوم حينما انظر الى المدرسة او الطبيبة فأنا ارى اغلبهن يستطعن ان يعددن حقوقهن القانونية من غير محام، وانا مع زواج الشاب من محامية بشرط ان يكون هناك اتفاق على ساعات العمل وتنظيم اوقات البيت وتوفير احتياجات الزوج».
صعب جدا، تقول المحامية «نيفين معرفي»، ان توازن المرأة المحامية بين بيتها وعملها، و«يجب على المرأة المحامية ان تحسب حسابا لتلك الخطوة، فالرجل لا يفكر بالزواج الا لكي يرتاح ويستقر فكيف اذا كان حال المرأة المحامية غير مستقرة، ان المحامية لكي تنجح في حياتها المهنية والاجتماعية والزوجية، يجب ان تضحي بحياتها مع صديقاتها وحياتها خارج بيتها ان المرأة تواجه مجتمعا قاسيا جدا وذكوريا في حال عملت بالمحاماة، بسبب العادات والتقاليد التي اعتقدنا اننا تخلصنا منها، ومن خلال المهنة التي امتهنها شعرت ان المحاماة بالفعل مهنة قاسية جدا لا ترحم، مهنة تعرض المرأة المحامية لأمور تؤثر فيها نفسيا ولكن عليها ان تقاوم تلك العقبات».
وعرضت المحامية نيفين معرفي تفاصيل حياتها المهنية المعجونة بمصاعب تجربتها قائلة: «المرأة قد تذهب في اليوم الواحد الى اربع محاكم ونيابتين ومخفرين، اضافة الى الاعمال الادارية التي تحتاجها القضية وهي تتطلب مجهودا اكثر من المحكمة».
وخاطبت المحامية بعض حديثات التخرج من المحاميات قائلة: «المهنة ليست سهلة هناك شيء اسمه دخول سجون والجلوس مع متهم، اضافة الى ذلك احيانا ننتظر ما يقارب سبع ساعات حتى نسجل قضية، وانا من تجربة شخصية خضت تلك المواقف مرات عديدة واذكر ان هناك قضية دُونت من الساعة 11 مساء ولم تنته منها الا الساعة الخامسة فجرا، اي انني غبت عن بيتي وابنائي، وبعدها بثلاث ساعات كانت لدي قضية اخرى في المحكمة في تمام الساعة الثامنة صباحا، هناك قضايا صعبة جدا الى درجة اننا نحتاج دراسة وافية لملف القضية، وللاسف يصل بي الحال الى انني لا انام النوم الصحيح لمدة اربعة ايام».
وبالمقارنة بالمحامي الرجل، فانه يمتلك علاقات مع كبار المسؤولين والوزراء في الديوانيات والتواصل الاعلامي وكل هذا مما يسهل للرجل مهامه، بينما المرأة علاقاتها محدودة في ظل هذه المهنة فمثلا، «بعد فترة الصباح والانشغال في المحاكم، في فترة العصر تكون في مكتبها الى الليل، وبعد ذلك تذهب الى بيتها لكي تجلس مع اهلها ولا تستطيع ان تزور الصديقات او القريبات او ان تشارك الناس افراحهم او اعراسهم فهي بالكاد تجد وقتا كي تتناول عشاءها وتنام».
وذكرت المحامية ان المهنة بحاجة الى «صاحبة حماس وارادة وشخصية قوية وهناك من تخلوا عن تلك المهنة».
هل تحسنت ظروف العمل وبيئة المهنة؟ تجيب المحامية: «المشكلة المجتمعية الصعبة التي تواجهنا هي دخول المخافر، فانا حينما ادخل مخفرا في منتصف الليل وانا امرأة، ارى النظرة المحرجة من قبل البعض ولسان حالهم يقول كيف لامرأة ان تدخل مخفرا في منتصف الليل؟ ولدينا اماكن معينة حينما ندخل فيها كنساء نتعب مثل بعض الوزارات، حينما ندخل مكتب مدير معين واغلب الجالسين هم رجال وكأن المكتب ديوانية وهذا امر محرج بالنسبة لنا» [2013/6/24].
يقال ان قاضيا سأل احد الشهود في المحكمة: لقد رأيت الرجلين يتضاربان بالكراسي، فلماذا لم تحاول تهدئة الوضع؟ فأجاب: لم أجد كرسيا ثالثا!

خليل علي حيدر
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.