الرياض تقلص علاقاتها مع واشنطن، واشنطن تفاوض إيران، واشنطن تدعم بشكل غير مباشر استمرار بشار الأسد حليف روسيا وإيران، حزب الله يحمي نظام الأسد الذي يحمي إسرائيل، لكن حزب الله نفسه خاض حرباً مع إسرائيل، واشنطن ضغطت على حسني مبارك واعتبرته مجرماً عندما قطع الاتصالات النقالة ليوم واحد وكأنها تدعوه للتنحي، لكن واشنطن «عااادي وطااااف» عندما ترى بشار يرش شعبه بالكيماوي ليكمل مسيرة «الطبجة» الثانية لحزب البعث المكون من «طبجتين».. احداهما سقطت في العراق والأخرى تنازع في سورية!! سورية والعراق اصلاً كانا اعداء رغم ان الاثنين يعتنقان فكر البعث.
التفكر بالوضع والبحث عن منطق واحد واضح للامور يقود لطرح تساؤلات بلهاء على غرار.. (مين.. وايه.. وليه.. وازاي.. وامتى)!! والأكيد انك لن تحصل على إجابات واضحة باتة.
لكن الأكيد أيضاً والذي لا يحتاج إلى البحث عن إجابة هو ان الرياض تدرك ان اللعب مع واشنطن يشبه اللعب مع الذئاب.. فهي (واشنطن) معك الآن.. لكن ربما تغدر بك غداً حتى لو كنت صديقها الصدوق.
الرياض تذكر شاه ايران كان حليف مَنْ، ومن اسقط الشاه، الرياض تذكر حسني مبارك كان حليف مْنَ.. ومن ساهم في اسقاط مبارك، الرياض تعلم ان القذافي بعدما قدم كل شيء لواشنطن اسقط.
أيضاً.. واشنطن اليوم ليست في أفضل حالاتها داخلياً، وليست أمريكا المهابة التي نعرفها خارجيا، وهي لم تعد بعد إلى رشدها منذ حادثة الحادي عشر من سبتمبر.
الآن.. الدبلوماسية السعودية بدأت تلاعب واشنطن (على ثقيل).. تارة عبر تسريبات من رئيس الاستخبارات السعودية الأمير بندر بن سلطان بأن الرياض ستقلص من علاقاتها معها، وتارة عبر تصريحات وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، وتارة عبر تصريحات الأمير تركي الفيصل. الرياض ايضاً كانت قد اعتذرت قبل ايام عن عدم قبول مقعد غير دائم في مجلس الامن الدولي رافضة (ازدواجية المعايير) الاممية في رسالة إلى واشنطن المهيمنة على مجلس الأمن، الرياض ايضا مستاءة من موقف واشنطن تجاه دعم المملكة العربية السعودية للبحرين، ومستاءة كذلك من التراخي الامريكي والتراجع عن قرار توجيه ضربة الى النظام السوري عقابا له على ما اقترفه بحق شعبه.. أيضا الرياض تنظر بارتياب الى العلاقة بين واشنطن وطهران في ظل معطيات لا يمكن استبعاد محور البحرين ومحور سورية منها، حيث في المحورين كان الموقف الامريكي في اتجاه مخالف للموقف السعودي الأمر الذي يثير ارتياب الرياض تجاه قرارات واشنطن ونواياها.
لكن الرياض تدرك مواطن قوتها تماماً وتعرف كيف تضغط وكيف تغضب.
اذكر أنني قرأت قبل سنوات في مجلة نيوزويك الأمريكية تقريراً يتحدث عن الدور السعودي في الأزمات في المنطقة وقدرة المملكة على تأمين النفط للعالم بشكل لا يتوافر لدى غيرها، ما يمثل أهمية كبرى بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية.
التقرير كان يقول: لا يوجد بلد في العالم بإمكانه أن يرفع الإنتاج ويخفض الإنتاج بسهولة فتح صنبور المياه وغلقه إلا في السعودية.
هذا «الصنبور» حفظ الهدوء الاقتصادي في العالم في كثير من الحروب والصراعات التي نشبت فيه والتي كانت واشنطن ضالعة فيها، وهذا هو بالضبط ما يدركه الأمريكيون ويضعونه في اعتبارهم وهم يواجهون استحقاقات أزمتهم السياسية العميقة مع المملكة العربية السعودية التي لن يجدوا صديقاً يوازيها في قدراتها الإقليمية والنفطية.
اللعب مع الذئاب خطر جداً ويتطلب مهارات خاصة، وهي متوافرة لدى الرياض وقدراتها الدبلوماسية الضاربة.. وسنرى النهاية قريبا لصالح من؟! الذئب العربي ام الذئب الامريكي .
وليد جاسم الجاسم
waleed@alwatan.com.kw
انستغرام: @waleedjsm
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق