يشير التناحس إلى ضيق الأفق في التعامل مع المواطن الآخر وتصيد أخطائه أو محاولة تعطيل نجاحاته الشخصية عبر بث الاشاعات أو التعسف ضده في استخدام السلطات الوظيفية.
فالشخص “المُتناحس” يرعبه نجاح الفرد الآخر وسيحاول قدر ما يستطيع التناحس معه وسد الطرق أمامه فقط لأنه يغار منه ويعتقد أنه يتميز عنه! وبالطبع هذه “السمة” السلوكية “تميز” الشخص ضيق الأفق وقصير النظر, من يعتقد أن عقلانية فلان من الناس أو تسامحه أو حبه للعمل أو صدقه في عمله أو تفانيه في أداء واجباته ومسؤولياته الوطنية تهدد المتناحس وتحرمه من التمتع بحياة آمنة! أعتقد أن التناحس بين أعضاء المجتمع الواحد يرسخ النقمة والكراهية المتبادلة بين أفراد عقلاء من المفترض أنهم يشتركون في الهوية الوطنية نفسها وفي الثوابت الوطنية المشتركة نفسها. ولكن ما الأسباب التي تؤدي إلى انتشار التناحس والنقمة في بعض المجتمعات الانسانية دون أخرى? وما السبل للقضاء على الظاهرة السلبية?
أعتقد بداية أن ظاهرة التناحس ترسخها المثالية الشديدة لبعض الشعارات الوطنية. فعندما تنتشر في البيئة الاجتماعية شعارات وحدة وطنية مثالية للغاية من دون أن يقابلها جهود حكومية أو أهلية جادة لتكريسها على أرض الواقع, فسيؤدي ذلك إلى ضعف إحساس بعض الافراد بالانتماء لمجتمع متماسك. وبالطبع, يمكن ترسيخ الوحدة الوطنية عملياً وفعلياً عبر تمكين عضو المجتمع من ربط آماله وتطلعاته الشخصية الايجابية بما يمكن أن يحققه على أرض واقعه الوطني. إضافة إلى ذلك, عندما تنتشر خطابات الكراهية في مجتمع وتبدو الجهات المناط بها مكافحتها لا تكترث بالقضاء عليها بشكل حازم وجاد فستنتشر الانانية في المجتمع وهي الرديف للتناحس والتباغض المتبادل.
إحدى النتائج الحتمية لانتشار ظواهر التناحس والانانية بين الأفراد, وخصوصاً تلك التي تؤدي إلى الكراهية المتبادلة والغيرة المدمرة, إضعافها للمواطنة الحقة (الصالحة). فعندما يشعر أحدهم بأنه يصعب عليه فعلياً الايفاء بكامل واجباته ومسؤولياته الاجتماعية أو أنه سيعاني المر جراء ذلك, سيفقد الفرص لربط آماله وتطلعاته المشروعة بما يمكنه تحقيقه في مجتمعه, وسيفقد المواطنون المتميزون الأمل في تحقيق النجاح في هكذا بيئات إنسانية مضطربة.
عندما تنتشر سلوكيات وتصرفات التناحس والتباغض في أي مجتمع إنساني سيصعب على بعض الأفراد الاستمرار في تفاؤلهم ما داموا يشهدون يومياً تحطم آمالهم الايجابية على صخور المحسوبية والتناحس وعدم تكافؤ الفرص والانانية السلبية.
كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق