عبداللطيف الدعيج: الرفاه والنهب المزعوم

الذين هاجموا السيد رئيس الحكومة على تصريحه بقرب نهاية دولة الرفاه معاهم اكثر من حق. فنحن مع الاسف بحسرة وغم، فقراء ماديا، وجياع معنويا منذ انكسار اسعار النفط، وبداية ازمة المناخ عام 1984.

اي ان اغلبية الجيل الحالي لم يتسن لها العيش في دولة او كويت النعم التي تغنى بها عبد الكريم عبد القادر.

دولة الرفاه انتهت، واليوم ستنتهي دولة الحد المعيشي الادنى، مثلما انتهت سياسيا دولة ديموقراطية ودستور الحد الادنى.

كالعادة كان من الطبيعي ان يلوم اغلب المواطنين وكل السياسيين الحكومة على التردي الحالي للاوضاع، وهي ربما حقيقة ان شئنا المبالغة وتناسينا ادوار الناس في الرقابة والمتابعة وانجرافهم مع ما يسمى بالرفاه المزعوم او بالاحرى الفساد والافساد المستشري، ولكنها ليست الحقيقة الكاملة، او ربما هي ليست الحقيقة على الاطلاق، فاللوم الحقيقي يقع على المواطن نفسه، المواطن الذي هو الاكثر هدرا واستهلاكا واستغلالا للثروة الوطنية.

وأبلغ دليل على هذا هو ان ردة الفعل كلها انحصرت في الاشارة الى التسيب الحكومي والفساد الحكومي والهدر الحكومي كسبب وحيد لزوال النعمة القادم. ولا يزال هناك اصرار بالطبع من قبل المواطنين و«قادتهم» السياسيين على تحميل الحكومة وحدها مسؤولية الانحدار الذي يتجه إليه البلد.

لو حسبنا كل النهب «الحكومي» المزعوم، مع كل السرقات الثابتة. فان الحصيلة لن تتعدى بضعة ملايين، وربما مئات الملايين من الدنانير. لكن كل هذا لا يصل الى حد كسر ظهر الميزانية او افراغ اكياس المال العام، ورجاء عدم تكرار ومضغ موضوع الداو وحقول الشمال ومحطة الزور، وغيرها من المشاريع التي لم تنفذ ولم يتسن لاحد سرقتها او الاستنفاع منها بعد. الحقيقة كما بينتها «ندوة الكويت تسرق»، التي نظمها المعارضون انفسهم، ان شيئا من خطة التنمية لم ينفذ، وان ايا من المشاريع المستقبلية لم يبدأ.. اي ان كل اموال الناس او المال العام لا تزال في الحفظ والصون.. لكن السؤال الحقيقي: هل بالفعل هي في الحفظ والصون؟ وبعيدا عن نهب واستحواذ وهدر الافواه المفتوحة والجيوب المشقوقة والعقول الفارغة والارواح الكسلة لما يسمى بالمواطنين الكويتيين او ذوي الدخل المحدود وفق التعبير المفضل لبعضهم! هل المال العام بالفعل في الحفظ والصون؟!

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.