حل سمو الامير تميم بن حمد آل ثاني أخا عزيزا على الكويت التي يحمل شعبها للشقيقة قطر, كغيرها من الشقيقات الخليجيات, كل الود والمحبة والنوايا الخيرة, فهذه الزيارة خطوة جديدة في تعميق أواصر الاخوة كما أنها تزيد من اطمئنان شعوب دول مجلس التعاون التي تتطلع الى المزيد من التعاون بين الشقيقات الخليجيات, فما يبعث على الطمأنينة لدى الشعوب هو مصدر راحة للحكام.
لا شك ان جولة أمير قطر الخليجية التي استهلها بالكويت تشكل بداية جديدة لتعزيز العلاقات بين دول “مجلس التعاون” ولها دلالة عميقة في هذه المرحلة بالذات التي تكثر فيها التحديات والاشاعات والتقولات والتفسيرات للمواقف والتوجهات, حيث تنتظر شعوب الخليج من قياداتها ان تكون كما عهدتها في الماضي على قلب رجل واحد.
لا يخفى على أحد ان شعوب المنطقة لديها عتب على الشقيقة قطر, وهي تتوقع من قيادتها الجديدة الشابة دورا أكثر تعاونا يزيل ما كان سببا في عتبها بسبب مقاربتها عددا من القضايا الستراتيجية, إقليميا وعربيا, اعتبرتها تغريدا خارج السرب, ما أثار لديها المخاوف من ان يتحول ذلك ثغرة ينفذ منها المتربصون شرا بالخليج الى شق الصف الواحد.
المنطقة اليوم على مفترق طرق, ووضعها لا يقبل أي تنافر في الاداء السياسي, لأن المسألة تتصل بمصير دول المجلس مجتمعة, لذلك المطلوب من الجميع التحدث بلغة سياسية واحدة في عالم التكتلات السياسية والاقتصادية الكبرى, حيث بدأت تنصهر معظم الدول التي تشكل معسكرا واحدا في منظومة مصيرية واحدة, وهو ما يجب على دول الخليج ان تكون عليه أيضا.
واذا كنا لا ننكر ان لكل دولة مصالحها, لكن هذه المصالح يجب ألا تتناقض مع المصالح العليا للمنظومة الخليجية, بل اذا أحسنت ادارتها تتكامل مع بعضها بعضا, وهو ما يجب ان تبنى عليه الرؤى, خصوصا في العلاقات مع الدول التي تشكل عمقا ستراتيجيا للخليج, كمصر حيث يبدو “مجلس التعاون” في ظل الموقف القطري كأنه يتحدث بلغتين مختلفتين, فما هدد مصر قبل 30 يونيو ودفع بالملايين الى الشارع لاسترداد الحكم من “الاخوان” هو ذاته ما يهدد دول الخليج العربية, فتلك الجماعة لن تستثني أحدا اذا تيسر لها الامساك بزمام الأمور في المنطقة.
نفهم ان تكون هناك منافسة ما في مصالح اقتصادية, لكن حتى هذه المنافسة يمكن ان توظف لمصلحة القرار الخليجي الواحد, خصوصا اليوم, إذ ينتظر العالم العربي من دول الخليج ان تؤدي دورا اقتصاديا أكبر بكثير مما كان عليه في السابق, وينتظر, أيضا, احتضانا لاسيما للدول التي عانت مما سمي “الربيع العربي” لذلك كما عملت دول المجلس في اليمن تحت مظلة واحدة, وجنبت البلد الشقيق حربا أهلية عبر مبادرتها التاريخية, مطالبة اليوم ان تعود الى القراءة من الكتاب الخليجي ذاته الذي قرأت منه طوال العقود الاربعة الماضية.
أحمد الجارالله
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق