خالد الجنفاوي: لا تحقد على وطنك

أقابل أحياناً بعض الأشخاص المتأففين بطبيعتهم والذين يميلون دائماً إلى لوم الآخرين على ما يمرون به من مصاعب وتحديات ومشكلات شخصية مختلفة. ولعل اسوأ ما يصل إليه بعض هؤلاء الأشخاص المتشائمين والمتململين من العمل والالتزام هو ما يشبه حقدهم على مجتمعهم ووطنهم ! فهم يلومون بيئتهم الاجتماعية والوطنية على ما هم فيه من تأخر أو ما هم عليه من احوال, مع أن ماضي وحاضر ومستقبل الفرد يكون عادة من صنع يديه. وفي المقابل, تجد الإنسان العاقل والسوي وصادق النية لا يحقد على وطنه ولا حتى على أبناء وطنه, لأنه يدرك أن نجاحه يرتبط دائماً بإخلاصه في عمله وفي صدق نيته وتفانيه في بذل الجهود المطلوبة لتحقيق الانجازات الشخصية المختلفة. فمن يدرك أن ما تجنيه يداه من نجاح يرجع أولاً وأخيراً لصدق نيته وتفانيه في أداء واجباته ومسؤولياته الاجتماعية والوطنية لا يحقد على أحد. وإذا كان ثمة ضرورة للحقد على أي شيء, فمن المفترض أن يغضب الفرد على ما ضيعه من وقت ثمين لم يستثمره جيداً وبشكل صحيح لإثراء تجاربه الانسانية أو لربط آماله وتطلعاته الايجابية بما يمكنه أن يحققه في مجتمعه وفي وطنه.
تتوافر لكل مخلص صادق النية مع وطنه فرصا متعددة لتحقيق إنجازاته الايجابية في وطنه. فالوطن لا يحقد على أبناءه, بل يحضنهم ويوفر لهم السياقات الاجتماعية المختلفة لكي يصلوا إلى افضل ما يستطيعون الوصول إليه في استثمار جهودهم وإخلاصهم وتفانيهم في بناء مواطنتهم الصالحة. فكيف يحقد الإنسان على بيئته التي ولد وتربى ونشأ فيها, وهو يعلم جيداً أن وطنه هو بمثابة أسرته الممتدة? وكيف يحقد الأخ على أخيه أو أبيه أو أمه مع أنه يدرك جيداً أن الحقد يأكل أولاً قلب الحاقد ويحرمه السعادة والشعور بالأمن النفسي في أسرته وفي وطنه?
احدى نتائج الغضب المبالغ فيه تجاه الوطن هو وقوع أحدهم تحت وطأة استغراب مصطنع عن مجتمعه من صنع يديه. فالمنطق والعقلانية تؤكدان أن الوطن يصنعه عضو المجتمع بنفسه, فإذا أحب الفرد وطنه, بادله وطنه الشعور نفسه, وإذا تكلف أحدهم المبالغة في التشاؤم تجاه وطنه لن ترى نفسه سوى ما تحويه من تشاؤم. فالإنسان السوي يخلص النية تجاه وطنه لأنه يدرك أنه المكان الوحيد على هذا الكوكب الذي يجد فيه نفسه ويمكن له تحقيق آماله وتطلعاته في عيش حياة إنسانية متكاملة.
كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com

المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.