صلاح الفضلي: بن هذال والبدون

ما إن احتجز جهاز أمن الدولة الشيخ جدعان الهذال، شيخ قبيلة عنزة، عند وصوله إلى مطار الكويت، على خلفية تصريحه بأنه سوف يشارك في تجمع البدون في تيماء يوم الجمعة الفائت، حتى تسابق العديد من النواب إلى إطلاق تصريحات تندد وتستنكر وتشجب احتجاز بن هذال، لسبب واحد فقط، وهو أنه شيخ قبيلة معروفة لها تاريخ عريق، ولم يتطرق أحد من هؤلاء إلى مناقشة الأمر بموضوعية.
جوهر الموضوع يا سادة يا كرام، هو أنه هل ارتكب بن هذال جرما يحاسب عليه القانون يستدعي احتجازه أم لا؟ فإذا كان كذلك، فليس مهما أن يكون شيخ قبيلة، لأن على الجميع أن يكونوا تحت القانون وشيخ القبلية ليس فوق رأسه ريشة، ليكون فوق القانون، أما إذا لم يكن قد ارتكب جرما، فلا مبرر لاحتجازه، حتى لو كان من عامة الناس.
شخصيا، لا أرى مبررا لاحتجاز بن هذال، ليس لأنه شيخ قبيلة، ولكن لأنه لم يرتكب حتى ساعة احتجازه جرما يعاقب عليه القانون، فمن حق بن هذال كونه كويتي الجنسية أن يبدي رأيه في ما يريد، ومن حقه أن يشارك في تجمع البدون السلمي. يبقى أننا لا نتفق مع مشاركته بالطريقة التي أعلن عنها، فكون شخص يقيم خارج الكويت يأتي ويصرح بتصريحات مستفزة عبر وسائل الإعلام بأنه سوف يشارك في تجمع البدون فهذا أمر لم يكن في محله، وأعتقد أنه يسيء لقضية البدون أكثر مما ينفعها، لأنه قد يظن البعض أن هناك من يحرك البدون للقيام بهذه التجمعات.
لنترك موضوع بن هذال، ونرى ما مواقف النواب الذين تنادوا لنصرة الشيخ بن هذال من مشاهد هجوم القوات الخاصة على التجمع السلمي للبدون وضرب المتجمعين البدون بطريقة وحشية واستخدام القنابل الصوتية والدخانية وملاحقتهم بين البيوت. هل انتصر النواب ذاتهم للإنسانية المستباحة للبدون؟ على العكس من ذلك، وكما كان متوقعا، أكل القط ألسنة هؤلاء النواب – إلا ما ندر- وغضوا الطرف عن القمع الوحشي لأناس عزل يطالبون بمطالب حقة بصورة سلمية، وهذا دليل على أن هؤلاء النواب لا يعبأون بإنسانية الإنسان، وإنما تحركهم عصبياتهم ومصالحهم، وأنهم في حقيقة الأمر يتاجرون بقضية البدون الإنسانية.
وتاليا، نتعجب من تصرف وزير الداخلية، ونريد أن نعرف سر هذه الغضبة المضرية على البدون وفرد العضلات عليهم، في حين أنه قبل أيام تم التعرض على رؤوس الأشهاد لابن عمه الشيخ مشعل الأحمد الصباح في ساحة الإرادة، فلم يحرك ساكنا، بل على العكس من ذلك، كان يوزع الماء والعصير على شاتميه. بقي أن نقول للبدون لا تراهنوا إلا على جهودكم، ولا تتكلوا إلا على عدالة قضيتكم، فلا ينهض بالحمل الثقيل إلا أهله، وليس أمامكم سوى الاستمرار في مطالباتكم الحقة، «أما إذا تخاذلتم فقروا على مذلة أو تأخير محلة ولا تلوموا إلا أنفسكم».
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.